دور الدبال والمركبات العضوية الأخرى في تشكل التربة وتحديد خصوبتها*
& إن تمعدن المادة العضوية وما يرافق ذلك من مركبات (أحماض عضوية, مركبات فينولية, أحماض أمينية), وغاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتفاعل مع الماء لإعطاء حمض الكربون . هذه المركبات تساهم في تفعيل عمليات التجوية التي تتم على فلزات التربة وصخورها وينتج عن هذا التفتيت تحرر مجموعة من العناصر المعدنية الضرورية في تغذية النبات كما تعطي معادن ثانوية التي تعطي كما هو معروف مجموعة من المعادن الثانوية التي تشكل حبيبات التربة المعروفة . &
& كما يلعب الدبال دوراً هاماً في تشكل وتطور آفاق التربة وهذا واضح في جميع الأتربة, وطبيعة هذا التأثير ناجم من تشكل غرويات متسبخة بفعل ترسيب أحماض الهيوميك مع الكاتيونات ثنائية التكافؤ المنتشرة بكثرة في الأتربة الزراعية, والتي تتجمع في الأفق السطحي للتربة مما تضفي على هذا الأفق مواصفات الأفق الدبالي . &
& إن هذا التأثير يكون بالغ الأهمية إذا كانت التربة غنية بعنصر الكالسيوم, حيث يتشكل هيومات الكالسيوم التي تعمل على إكساب التربة البناء المسامي المحبحب الذي يحسن السعة المائية والهوائية , كذلك يكسب التربة صفات أكثر مناسبة للتغذية النباتية . في هذه الآفاق المذكورة تكون نسبة Fa/Ha أكبر من الواحد ، مثال على ذلك الأتربة السوداء (التشيرنيزوم) , أما إذا كان المركب الدبالي يتصف بارتفاع كمية الأحماض الفولفاتية فإن التربة تتصف في هذه الحالة بتطور أفق الغسل وأفق التراكم في المقطع الترابي وذلك لأن أملاح هذه الأحماض منحلة في رطوبة التربة وتتحرك معها في آفاقها , وبالتالي فإن هذه الأتربة تميل إلى الحموضة. وعادة نسبة F a / H a أقل من الواحد مثال على ذلك: أتربة البوتزول , والأتربة الحمراء. &
& إن دور الدبال في تحديد خصوبة التربة عظيم ومتعدد, حيث تتصف المركبات الدبالية بسعة تبادلية عالية تصل إلى أضعاف السعة التبادلية لمعادن الطين وبالتالي على سطوح هذه المركبات تدمص الكاتيونات المعدنية التي تقدم للنبات عند الحاجة, وعلى امتداد مراحل النمو. هذا بالإضافة إلى أن الدبال يحتوي في تركيبه على الآزوت, والفوسفور والكبريت والبوتاسيوم وغيرها من العناصر التي تتحرر بفعل عملية تمعدن الدبال. &
& أخيراً لابد من القول بأن الدبال يتصف بمقدرة امتصاصية عالية للرطوبة قد تصل إلى 25 ضعف قدر وزنة بينما يكون ذلك في معادن الطين هي حوالي 3/2 من وزنه . إضافة إلى دوره في تحسين التوصيل الحراري وامتصاص الطاقة الشمسية نتيجة اللون الغامق الذي يتصف به الدبال, وهذه الصفة تؤثر على طبيعة وسرعة التفاعلات البيولوجية في التربة الزراعية. &
*العوامل المؤثرة على كمية المادة العضوية في التربة الزراعية:*
**1 - تأثير المناخ **
& إن عاملي الحرارة والأمطار تعتبر من أكثر العوامل المناخية تأثيراً على تراكم كمية المادة العضوية في التربة حيث تزداد نسبة المادة العضوية في التربة بزيادة كمية الأمطار ويفسر ذلك بزيادة كمية النباتات النامية, وبالتالي زيادة المخلفات والبقايا العضوية الناتجة عنها وهذا ما يبينه الشكل التالي الذي يوضح العلاقة التي أوجدها Jenny بين المادة العضوية وكمية الهطول المطري السنوي في مناطق المراعي في الولايات المتحدة الأمريكية. &
& أما في المناطق الأكثر حرارة فإن نسبة المادة العضوية ستكون أقل بالنسبة لجميع مستويات الأمطار مقارنة بالمناطق الباردة وهناك علاقة عكسية بين كمية المادة العضوية في التربة ومتوسط الحرارة السنوية هذا ما يمثله الشكل البياني التالي وذلك على اعتبار أن معدل عملية الهدم يزداد بزيادة درجة الحرارة, فالحرارة كما هو معروف تسرع التفاعلات الكيميائية وكذلك تزيد من نشاط الكائنات الحية الدقيقة .&
**2- نوع النبات الطبيعي ونوع النبات المزروع:**
& إن التربة البكر أو الأتربة الحراجية تحتوي على مادة عضوية أكثر من الأتربة المزروعة, ولقد وجد أن زراعة المحاصيل تعمل على خفض نسبة المادة العضوية فيها بسبب تهوية الطبقة السطحية التي تتجمع فيها المادة العضوية, وأيضاً وبسبب إن ما يتراكم من مادة عضوية ناتجة عن المحاصيل المزروعة وهي في الغالب أقل مقارنة مع كمية المادة العضوية المتراكمة تحت النباتات التي تنمو طبيعياً. &
& أيضاً تختلف كمية المادة العضوية المتراكمة في التربة باختلاف محاصيل الدورة الزراعية فلقد وجد بأن الدورات الزراعية التي تتضمن محاصيل حقلية مثل الذرة المزروعة على خطوط تخلف مادة عضوية أقل من المحاصيل التي تغطي سطح التربة بالكامل كما هو الحال في زراعة الفصة. &
& أما بالنسبة لتوزع المادة العضوية في مقطع التربة فأن ذلك يختلف حسب نوع النبات النامي ففي مناطق الغابات تتركز المادة العضوية في الطبقة السطحية من التربة لأن أغلب المخلفات العضوية تتجمع على سطح ولا تنتقل إلى أعماق التربة إلا بواسطة ديدان الأرض وحشراتها إضافة إلى أن جذور الأشجار الحراجية تبقى سطحية. أما بالنسبة لتربة المراعي فإن جذورها تمتد إلى أعماق أكبر وتوزعها يكون كبير ومتجانس على كامل السطح للتربة . &
**3- عمليات الري والصرف: **
& إن وضع التربة تحت نظام الري والصرف يؤدي إلى زيادة نشاط كائنات التربة وبالتالي ستنخفض نسبة المادة العضوية في مثل هذه التربة إذا لم تزود التربة دورياً بالمادة العضوية على شكل أسمدة عضوية أو طمر مخلفات المحاصيل فيها. كذلك إن وضع التربة تحت نظام الري يؤدي إلى تحسين ظروف التهوية وبالتالي يزداد معدل سرعة التحلل وبالتالي تنخفض نسبة المادة العضوية. &
& إن أكسدة المادة العضوية في الأتربة الغدقة المطبق فيها نظام الصرف يؤدي إلى خفض مستوى التربة كما هو الحال في أتربة الغاب في سوريا مما يتطلب الأمر تعميق أنابيب الصرف لاستمرار تأمين الصرف الجيد ولقد وجد بأن مستوى الانخفاض يتراوح بين (1 – 3 سم) سنوياً . &
**4- تأثير قوام التربة وطبيعة الصخر الأم المتشكلة عنها التربة :**
& إن لطبيعة الصخر الأم تأثير بشكل فعال على نسبة المادة العضوية في التربة الناتجة عنها الذي يمكن فهمه من خلال التأثير على معدل نمو النباتات ففي الأتربة المتشكلة من صخور اندفاعية كالبازلت تعطي أتربة أنعم وأكثر غنى بالعناصر الغذائية من الأتربة الناتجة عن الصخور الاندفاعية الحامضية مثل الغرانيت لذلك ففي الأتربة الناتجة عن البازلت تكون المادة العضوية أكبر نسبة من الأتربة الناتجة عن صخور الغرانيت, إضافة إلى أن أتربة الغرانيت تكون خفيفة القوام مهواة بشكل جيد والتالي سرعة تحلل المادة العضوية فيها مرتفعة. &
& لقد وجد أن هناك علاقة ارتباط بين كمية المادة العضوية ونسبة الطين في التربة وقد يفسر ذلك بسبب التفاعل بين الدبال والطين وبالتالي تغدو حبيبات الدبال بمنأى عن خمائر الجراثيم المسؤولة عن تحلل المادة العضوية. &