انطلاقة ذهبية في ولاية ذهبية
نحو 4 آلاف كيلو متر يبلخ طول طريق 66 الشهير (66 Route)، والذي يخترق الولايات
المتحدة الأمريكية من شرقها إلى غربها.
وينطلق هذا الطريق التاريخي من الشارعين الرئيسين آدمز وميشيغان في شيكاغو، وينتهي في مرسى سانتا مونيكا لليخوت في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، مرورا بسبرينغفيلد، مسقط رأس لينكون، وبمدينة سانت لويس في ولاية ميزوري، كما يخترق هذا الطريق تلسا وألامو، المدينتين التابعتين لولاية تكساس، علما أن ألامو تعتبر مركز تجارة المواشي في الولايات المتحدة الأمريكية.
بيد أن هذا الطريق أمسن الآن مجرد رسم عفى عليه الزمن، وظل البعض يبوحون في رحابه بحنينهم إلى الماضي البعيد.
وفي يوم من الأيام، كان الطريق الرقم 66 أول طريق قاري، معبد، يربط غرب الولايات المتحدة الأمريكية بشرقها، كان طريق الآمال والأساطير، كان مسرى عظيما للأغاني والأناشيد والأفلام السينمائية والكتب الوثائقية والقصص والروايات.
وانعكست سجايا هذا الطريق على الهدف الذي يرومه، فغرب الولايات المتحدة الأمريكية والساحل الذي ينتهي عنده هذاالغرب الأمريتيي، كانا عالما مشحونا بالأحلام والأماني.
إن كاليفورنيا - الولاية المتحررة ذات المناخ المتوسطي -بدت لنا كأنها بابل العصر الحديث، فهي تقترف الذنوب وترتكب المعاصي وتستقطب الوجوديين المتمردين.
وربما انزعج رجال الدين من هذه الممارسات الدانة، حينما قرروا في العام 1898 تأسيس معهد لتدريب القساوسة - فريد من نوعه في الغرب الأمريي - وجامعة كاثوليكية، أعني جامعة القديس باترك في مدينة مينلو بارك.
وشكلت الجامعة الدينية المشهورة القطب المعاكس لجامعة ستانفوردUniversity Stanford، الواقعة في مدينة بالو ألتو Alto Palo، والتي أنشئت في العام 1891. وهكذا حدث تقارب، جغرافي طبعا، بين العلوم الروحية والدنيوية،
والدراسات والبحوث الدينية والعادية. وبالنسبة إلى القرن التاسع عشر، شكل هذا التقارب، بنحو أو آخر، منطقة فكرية ساخنة وحلبة لسجالات، دارت في أقصى ربوع الغرب الأمريكي.
جامعة ستانفورد هي جامعة أهلية، أسسها جين Jane وليلند ستانفوردStanford Leland، تخليدا لذكرى ابنهما الوحيد ليلند (الابن)، الذي توفي إثر إصابته بالتيفوئيد. وتكاد سيرة ليلند (الأب)، ونجاحاته المعتبرة، أن تكون المنارة التي اهتدت بها شخصيات كثيرة حققت نجاحات باهرة بعد تخرجها في هذه الجامعة العريقة.
فليلند ستانفورد، الذي احتل مكانا مرموقا في تاريخ الولايات الأمريكية السياسى، كان الحاكم الثامن لولاية كاليفورنيا بضع سنين، ومحاميا قديرا، ورجل أعمال ناجحا في مجال استخراج الذهب، وفي إدارة مزرعة متخصصة في إنتاج الكروم.
لقد كان ستانفورد عصاميا، عرف كيف يوظف طاقاته الذهنية والثقافيه غير العادية لينجح نجاحا عظيما في نشاطاته الاقتصادية ومشاريعه الخاصة. من هنا، لا غرو أن ينجح الزوجان، في وقت مبكر، في العام 1880 على وجه التحديد، في جمع ثروة بلخت قيمتها 50 مليون دولار تقريبا.
وسواء في حقبة الإنشاء، أو في الزمن التالي، خصص الزوجان ملايين كثيرة من الدولارات لتمويل جامعة ستانفورد. كما تبرع الزوجان للجامعة بالأراضي المحيطة بخليج سان فرانسيسكو لتمكينها من بناء الحي الجامعي عليها. وخلال حقبة الإنشاء، م تكتف جين ستانفورد بإعلان استعدادها لأن تدفع من ثروتها الخاصة كل الالتزامات المالية عند الضرورة، بل رهنت أيضا هذه الثروة لتأمين مستلزمات الأعمال اليومية في الجامعة. والأمر الجدير بالملاحظة هو أن الزوجين لم يروما تخليد ذكرى ابنهما فقط، بل كانا قد سعيا، أيضا، إلى خلق الفرصة الضرورية لأن يتساوى الشباب والشابات في الحصول على التعليم الجامعي، بلا اعتبار للعقيدة الدينية.
بهذه التوجهات النبيلة نفذ الزوجان مشروعا مفرطا في التقدمية بالنسبة إلى مقاييس ذلك الزمن، ومن هنا لا غرو أن تتعالى، هنا وهناك، أصوات تستنكر هذا المشروع التقدمي.
& وم ينعكس كرم المؤسسين على الهبات المالية والتوجهات التقدمية فقط، بل انعكس، أيضا، على تصميم الحي الجامعي. فآل ستانفورد حولوا الأرض، البالغة مساحتها 3300 هكتار، من اصطبلات مخصصة لخيولهم، إلى مجمع يشتمل على
أبنية بات تصميمها يحاي تصميم البنايات التي كانت تستخدمها البعثات التبشيرية التابعة لولاية كاليفورنيا.
وباتت الأبنية، غير القابلة للبيع بتاتا، جزءا من ثروة المؤسسة الخيرية الممولة للجامعة المسماة بـ «المزرعة» Farm The أيضا.
تبذل فروع علمية دنيوية ومعامل بحثية ومراكز علمية ناجحة حقا وحقيقة قصارى جهدها لتلبية حاجات 15 ألف طالب، ينتقون وفق نظام دقيق وصارم.