نظم الذاكرة:
لقد ميز علماء النفس بين الذكريات التي تبقى معنا لفترة طويلة من الزمن مثل رقم تلفون مهم وتلك الذكريات التي نفقدها بسرعة.
ويعتقد معظم علماء النفس اليوم أن هناك ثلاثة نظم أو أنماط للذاكرة تسمح لنا بمعالجة وتخزين واسترجاع ما تعلمناه وخبرناه من خلال مواقف الحياة التي نمر بها وهذه الأنماط هي الآتية.
الذاكرة الحسية:
يطلق على هذا النظام من نظم الذاكرة مفهوم الذاكرة الحسية وأحياناً السجلات الحسية أو نظام تخزين المعلومات الحسي.
وتشير إلى انطباعات موجزة عن إحساساتنا فنحن محاطون بأصوات ومناظر وروائح وإحساسات لمسية لانهائية.
وعندما نستقبل منبهاً، فإننا نحتفظ به للحظات في الذاكرة الحسية وهذه الانطباعات المتلاشية هي نسخة طبق الأصل للوارد الحسي وإذا لم تنتقل المعلومات بنجاح إلى الذاكرة قصيرة المدى فإن الانطباعات الحسية تختفي خلال ثانية واحدة.
ويبدو أن الترميز الذي يحدث في الذاكرة الحسية، إنما هو معالجة فيزيولوجية فمثلاً تترجم موجات الصوت والضوء إلى رسائل تنتقل إلى المخ والذاكرة الحسية هي نمط بدائي لمخازن الذاكرة حيث لا يوجد أي تنظيم للمعلومات فيها.
وتقوم الذاكرة الحسية بدور مهم ليس فقط بالنسبة لتخزين المعلومات التي تأتي من الحواس ولكن بالنسبة لعمليات الذاكرة التي تأتي بعد ذلك.
حيث تنحصر أهم وظائف هذا النظام في نقل صورة العالم الخارجي بدرجة كبيرة من الدقة كما تستقبلها حواس الإنسان.
ومدة بقاء هذه الصورة في العادة تتراوح بين واحد بالعشرة وخمسة بالعشرة من الثانية مما يبين مدى سرعة استقبال أجهزة الحس المعلومات الواردة إليها من المثيرات ولولا هذه السرعة في نقل المعلومات لما أمكن تكوين الصورة النهائية عن المثيرات التي تستقبلها الحواس.
يصعب في هذه الذاكرة تفسير جميع المدخلات الحسية للأسباب التالية:
عدم القدرة على الانتباه إلى جميع المدخلات معاً نظراً لكثرتها وقصر زمن بقائها في هذه الذاكرة ففي الوقت الذي يتم تركيز الانتباه إلى بعض المدخلات تتلاشى الكثير من المدخلات الأخرى دون أن يتسنى لها فرصة الانتقال إلى مستوى أعلى من المعالجة.
تعد هذه الذاكرة بمثابة محطة يتم فيها الاحتفاظ ببعض المدخلات الحسية من خلال تركيز الانتباه عليها وذلك ريثما يتسنى ترميزها ومعالجتها في أنظمة الذاكرة الأخرى.
قد تبدو الكثير من المدخلات الحسية غير مهمة بالنسبة للفرد، الأمر الذي يدفعه إلى تجاهلها وعدم الانتباه والاهتمام بها.
بعض المدخلات الحسية قد تبدو غامضة أو غير واضحة بالنسبة للفرد ومثل هذه المدخلات سرعان ما تتلاشى بدون استخلاص أيّة معان منها.
وبينت نتائج الدراسات التجريبية أن الذاكرة الحسية تتألف من مجموعة مستقبلات كل منها يختص باستقبال نوع خاص من المعلومات.
وبالرغم من هذه الحقيقة لم تنل جميع هذا المستقبلات الاهتمام من قبل المهتمين في هذا المجال وتكاد تكون الذاكرة الحسية البصرية والذاكرة الحسية السمعية من أكثر المستقبلات التي حظيت بالدراسة وذلك لأهمية المعلومات التي نستقبلها عن المثيرات الخارجية من خلال هاتين الحاستين.
الذاكرة الحسية البصرية:
تعني هذه الذاكرة باستقبال الصور الحقيقية للمثيرات الخارجية كما هي في الواقع حيث يتم الاحتفاظ بها على شكل خيال يعرف باسم أيقونة لذا فهي تعرف باسم الذاكرة الأيقونية.
والمعلومات التي يتم الاحتفاظ بها في هذه الذاكرة لا يجري عليها أية معالجة وإنما يتم الاحتفاظ بها ريثما يتم معالجتها في الذاكرة العاملة.
وما يتم ترميزه في هذه الذاكرة معلومات سطحية عن خصائص المثيرات الفيزيائية كاللون مثلاً في حين يصعب استخلاص أي معنى للمثيرات فيها.
وتشير نتائج دراسات هوارد 1983 إلى أن هذه الذاكرة تشتمل على صور عقلية للخبرة البصرية تبقى لفترة قصيرة جداً ربع ثانية تقريباً بعد التعرض المباشر للمثير البصري.
مما يتيح للفرد استدعاء بعض المعلومات عن خصائص هذا المثير كما أظهرت نتائج دراسات متعددة أن بقاء المعلومات في هذه الذاكرة يتوقف على استقبال معلومات جديدة، فغالباً ما تعمل المدخلات الحسية البصرية الجديدة على تقصير استمرارية بقاء معلومات سابقة بحيث تؤدي إلى زوالها لتحل محلها.
الذاكرة الحسية السمعية: