**الطريقة الخامسة: الاختزال (Reduction): **
من المعروف منذ زمن طويل أن بعض العناصر النادرة يمكن أن تتواجد بصورة غير قابلة للتطاير, ومن أمثلة ذلك الزرنيخ والزئبق والسيلينيوم والصورة المتطايرة من هذه العناصر هي صورة الميثيلات : ثلاثي ميثايل الزرنيخ CH3)3As) وأحادي وثنائي ميثيل الزئبق CH3)2Hg,CH3Hg+) وثنائي ميثيل السيلينيد CH3)2Se) .
ويمكن استغلال هذه الظاهرة في معالجة التربة الملوثة بمثل هذه العناصر عن طريق تشجيع تكون صورة الميثيلات لها,ويتم انتاج هذه الميثيلات في التربة تحت الظروف اللاهوائية بفعل الميكروبات مع إضافة بعض المواد التي تنشط عملها , وتعديل في الظروف الأرضية التي تسمح بهذا التفاعل(الرطوبة والتهوية) .
وتعتبر هذه التقنية إحدى الطرق البيولوجية المتوافرة لعلاج التربة الملوثة بالعناصر النادرة . ولقد أوضحت بعض الدراسات الحقلية حدوث انخفاض حوالي 70% في تركيز السيلينيوم في الرواسب بعد تنشيط التكاثر الميكروبي عن طريق إضافة بعض العناصر الغذائية أو المواد العضوية والمحافظة على ظروف النمو المثلى من الرطوبة والتهوية ومن الجدير بالذكر أن مثل هذه الطريقة في العلاج لاتناسب الأراضي الملوثة بالزئبق لأن مركبات الزئبق الغازية سامة جداً ومختلفة في ذلك عن مركب ثنائي ميثايل السيلينيد .
ومن المعروف أن الزرنيخ يوجد في التربة إما بصورة ثلاثية التكافؤ (AsO3-3) أو خماسية التكافؤ (AsO4-3) وعند سيادة الظروف الاختزال في التربة سيئة الصرف يتم اختزال الزرنيخ إلى الشكل الثلاثي التكافؤ بواسطة البكتريا وتحويلها إلى غازات تنطلق في الجو .
كذلك يتم اختزال الزئبق Hg+2 إلى صورة الزئبق العنصري Hg0 في الظروف اللاهوائية سواء كيماويا أو بيولوجياً وبخار الزئبق العنصري سام جداً للكائنات الحية .وتحت الظروف اللاهوائية تقوم الكائنات الحية الدقيقة بميثلة الزئبق مكونة مركبات زئبق عضوية متطايرة وتمثل خطورة على الصحة العامة .
ويستخدم الاختزال الكيماوي أيضاً في معالجة الأراضي الملوثة بالكروميوم حيث إن الكروميوم يتواجد عادة بصورتين إما بصورة سداسية التكافؤ (كرومات CrO4-2) وهي صورة ذائبة ومتحركة في التربة وتمثل خطراً على تلوث الماء الجوفية ,والصورة الأخرى ثلاثية التكافؤ Cr+3 وهذه الصورة قليلة الحركة جداً في التربة حيث أنها تكون معقدات قوية جداً مع المادة العضوية ,كذلك تدمص ادمصاص كيماوياً على الأكاسيد ومعادن السليكات أو تترسب على صورة هيدروكسيدات Cr(OH)3 في الأراضي القاعدية ذات pH مرتفع ,وبالتالي فإن الكروميوم الثلاثي قليل الذوبان جداً وغير ميسر لامتصاص النبات .ويتم إصلاح الأراضي الملوثة بالكروميوم عن طريق تخليق ظروف لاهوائية مع إضافة بعض المواد المختزلة للتربة مثل كبريتات الحديدوز والألمنيوم ,ويتوقف نجاح هذه التقنية على المحافظة على رقم pH التربة وجهد اأكسدة والإختزال التي تعمل على تشجيع اختزال الكروميوم السداسي وعدم أكسدة الكروميوم الثلاثي .
**الطريقة السادسة: غسيل التربةSoil washing/Flushing : **
& وتعتبر إحدى التقنيات التي يمكن استخدامها على التربة مباشرة دون الحاجة إلى الحفر والمعالجة الخارجية . وفي هذه التقنية يتم غسيل التربة الملوثة بإضافة الماء وبعض المحاليل التي تعمل على زيادة حركية الفلزات في التربة واذابتها,ويمر ماء الغسيل خلال قطاع التربة الملوثة إلى أسفل حاملاً معه ما تم إذابته من الفلزات الثقيلة حيث يتجمع في المصارف ,ويتم تجميع ماء الصرف لمعالجته والتخلص مما به من كيماويات ناتجة عن التفاعلات السابقة . &
& ويوجد العديد من التقنيات لمعالجة المياه الناتجة وإن كان الحجم الكبير جداً لمحلول الغسيل يزيد من تكلفة علاج التربة الملوثة .
يستخدم العديد من محاليل المواد في عملية الغسيل التي تعمل على زيادة حركية الفلزات في التربة عن طريق :
- تغيير رقم pH التربة.
- تغيير في جهد الأكسدة والإختزال في التربة.
- تكوين معقدات قابلة للحركة .
ويتوقف استخدام محلول معين في عملية الغسيل على كيمياء الملوثات المطلوب إزالتها, وأكثر المواد شيوعاً في الإستخدام هي:
- المركبات المخلبية مثل EDTA,DTPA: حيث تعمل هذه المواد على تكوين معقدات ذائبة مع الفلزات الثقيلة . وهذه المواد إما أن تضاف إلى التربة مباشرة ويتم الغسيل بعد ذلك بالماء أو يتم الغسيل بمحلول مخفف من هذه المواد (10-4 إلى 10-5 مولار) ويعطي استخدام هذه المركبات المخلبية نتائج جيدة في إزالة الملوثات حيث تعمل على تحويلها من الطور الصلب في التربة إلى الطور السائل فتزيد من حركيتها وقابليتها للغسيل.
- الأحماض العضوية مثل :حامض الخليك- الطرطريك – الستريك الأكساليك: وتتميز هذه الأحماض بقدرتها على غسيل الفلزات من التربة دون أن تؤدي إلى تدهور خواصها,وعادة ماتستخدم بتركيزات مخففة 0.1-0.2 مولار .
- الأخماض المعدنية المخففة:أحماض الكبريت-النتريك-الهيدروكلوريك: وهي مواد رخيصة الثمن وتعتبر فعالة في إزالة الاملاح غير الذائبة للفلزات الثقيلة مثل الهيدروكسيدات والأكاسيد والكربونات.
- المواد الناشرة: وهي مواد لتقليل التوتر السطحي في المحاليل وتعمل على انطلاق الفلزات الثقيلة من معقدات الادمصاص وتسرع من عملية العلاج.ومنها مايوجد بصورة غير أنيونية أو صورة كاتيونية أو صورة غير أيونية وتستخدم محاليل هذه المواد إما بمفردها أو مع وجود مواد مخلبية مثل EDTAوالتي تزيد من كفاءة المواد الناشرة في استخلاص الفلزات من التربة . &
& وتتميز تقنية غسيل التربة بأنها لاتؤدي إلى تدهور خواص التربة وإنما تعمل على تحويل الفلز من الطور الصلب إلى الطور السائل للأرض حيث يتم إزالته بالغسيل ولذلك تعتبر من التقنيات المحبة للبيئة . وتشير تقارير وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن كفاءة إزالة الفلزات عن طريق غسيل التربة تتراوح بين 75-90% ويعتمد ذلك على كثير من العوامل أهمها:
- طول الفترة الزمنية التي تعرضت فيها الأرض للتلوث بالفلز.
- قوام التربة ونسبة الطين بها.
- قابلية الفلز للذوبان في محاليل الغسيل.
& ولقد وجد أن قوام التربة ومايتبعه من الخواص الفيزيائية مثل المسامية والنفاذية يلعب دوراً مهماً في نجاح هذه التقنية , وإن كان هناك اعتقاد بأن هذه التقنية لاتكون أكثر التقنيات المناسبة لعلاج التلوث إذا زادت نسبة الحبيبات الناعمة (الدقيقة) في التربة عن 20-30% . &
& كما أوضحت وكالة حماية البيئة الأمريكية أيضاً أن تقنية غسيل التربة يمكن استخدامها كمعاملة أو خطوة أولية قبل استخدام تقنية المعالجة الحيوية أو بالتزامن مع المعالجة الحيوية ,حيث إنه باستخدامها كمعاملة أولية يمكن خفض مستوى الملوثات في التربة إلى حد يجعل بيئة التربة مناسبة أكثر للنشاط البيولوجي,أما في حالة استخدامها بالتزامن مع المعالجة الحيوية فإنه يمكن تزويد محلول الغسيل ببعض المغذيات النباتية لزيادة النشاط البيولوجي .&