* اّلية التركيز ضد التيار في عروة هنلي **
& إن التركيب التشريحي لعروة هنلي وللأوعية الدموية الشعرية المستقيمة recta Vasaالتي تحيط بها , يساعد على حدوث ما يعرف بالتركيز ضد التيار countercurrent concentration.
ويتضمن مفهوم التيار المضاد (current counter) وجود جملة وعائية أو أنبوبية حيث يسير التيار القادم في الوعاء أو الأنبوب بشكل موازٍ و قريب من التيار الخارج من الأنبوب أو الوعاء و لمسافة واضحة.
و هذا يحدث بوضوح لكل من تيار الرشاحة الكبيبية الذي يدخل القسم الهابط من عروة هنلي و يخرج من قسمها الصاعد الموازي و القريب للقسم الهابط لكي يدخل النبيب المعوج البعيد.
وهذه البنية التشريحية تنطبق أيضاً على الأوعية الدموية المستقيمة التي تسير بمحاذاة عروة هنلي تماماً , و يعتمد مبدأ التركيز ضد التيار في عروة هنلي على قابلية القسم الثخين الصاعد من هذه العروة على ضخ الصوديوم و الكلور بشكل أساسي من داخل لمعة هذا القسم إلى سوائل الحيز الخلالي المحيطة به.
وعلى النفوذية العالية للقسم الهابط من عروة هنلي للماء و للذوائب، وعلى الجريان المستمر للرشاحة الكبيبية القادم من النبيب المعوج القريب والذي يصب في النهاية في النبيب العوج البعيد. ليتابع طريقه إلى حويضة الكلية، و على عدم نفوذية الجزء الصاعد من عروة هنلي للماء.
ويمكن شرح هذه العملية عبر خطوات افتراضية .
لنفترص أن التركيز الأوسمولي للرشاحة الكبيبية في كل من القسم الهابط و القسم الصاعد من عروة هنلي هو 300 ميلي أوسمول /كغ ماء، و أن سوائل الحيز الخلالي المحيطة بعروة هنلي تتمتع بنفس التركيز الأوسمولي أيضاً .
ولنفرض أيضاً أن مضخات القسم الصاعد من عروة هنلي تضخ من الصوديوم والكلور ما قيمته 100 ميلي أوسمول /كغ و ذلك من لمعة القسم الصاعد من عروة هنلي , إلى سوائل الحيز الخلالي الأمر الذي يزيد من أوسمولية سوائل الحيز الخلالي و تصبح 400 ميلي أوسمول /كغ ماء.
بعد ذلك يدخل الماء إلى لمعة القسم الهابط من عروة هنلي بينما تتوازن محتوياته الأخرى مع سوائل الحيز الخلالي .
و لكن الرشاحة الكبيبية ذات التركيز الأوسمولي 300 ميلي أوسمول/كغ ماء ,تستمر بالجريان إلى الجزء الهابط من عروة هنلي قادمة من النبيب المعوج القريب.
وبهذا يتجدد وجود ممال تركيز مناسب لحركة الصوديوم والكلور من لمعة القسم الصاعد من عروة هنلي باتجاه سوائل الحيز الخلالي فتستمر حركة هذه الشوارد بهذا الاتجاه , و في نفس الوقت فإن الرشاحة الكبيبية منخفضة التوتر تجري من نهاية الجزء الصاعد من عروة هنلي إلى النبيب المعوج البعيد.
و يستمر دخول الرشاحة الكبيبية التي تكون متعادلة التوتر فتصبح مفرطة التوتر ثم تصبح متعادلة التوتر فمنخفضة التوتر.
وباستمرار هذه العملية نصل إلى المحصلة النهائية للتركيز ضد التيار في عروة هنلي و يصبح لدينا زيادة تدرجية في التركيز الأوسمولي في سوائل الحيز الخلالي من القشرة إلى اللب .
تتميز الكليونات المجاورة للّب بعروة هنلي بأنها طويلة و تمتد عميقاً في لب الكلية، و كلما زاد طول عروة هنلي كلما ارتفع التركيز الأوسمولي في قمة هذه العروة القريبة من رأس الهرم الكلوي.
إن وجود الممال التناضحي الذي أشرنا إليه سابقاً في قمة الهرم الكلوي (أي في السائل الخلالي الغريب من القسم المستعرض من عروة هنلي والأجزاء القريبة منه)،
قد لا يستمر طويلاً، إذا تم نقل الذوائب التي تكرسه (الصوديوم والكلور والبولة) في دوران دموي نشط في تلك المنطقة. ولكن الأوعية الدموية الشعرية المستقيمة حول عروة هنلي في هذه المنطقة تلعب دور المبادل للتيار المضاد exchanger current Counter . و بالتالي تساهم في الإبقاء على هذا المال التناضحي.
فالذوائب تنتشر خارج الوعاء الذي يحمل الدم باتجاه القشرة , و إلى داخل الوعاء الذي يحمل الدم باتجاه اللب. وعلى العكس فإن الماء يخرج من الوعاء الهابط باتجاه اللب ويدخل إلى داخل لمعة الوعاء الدموي الصاعد باتجاه القشرة.
ولذا فإن الذوائب تستقر في اللب عبر دوران مستمر بينما يتجاوز الماء هذه المنطقة , الأمر الذي يساهم في المحافظة على زيادة تناضحية لب الكلية بالمقارنة مع قشرتها.
أما الماء الذي يمتص من القنوات الجامعة فيدخل الأوعية الدموية الشعرية المستقيمة و يصبح جزءاً من الدوران الدموي. و تجدر الإشارة إلى أن عملية المبادلة ضد التيار