فزيولوجيا الشد الرطوبي Stress Physiology

مقدمة :

من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم بنسبة 34٪ في عام 2050 تصل إلى حوالي 9.1 مليار، مما يتطلب المزيد من الغذاء بنسبة 70 ٪ الإنتاج (منظمة الأغذية والزراعة، 2009). تلبية متطلبات الغذاء يواجه السكان تحد صعب مثل تغيرات المناخ التي تعرض نظم الإنتاج الزراعي لخطر ضعف الاستدامة والإنتاجية (حسين وآخرون 2014). تتعرض النباتات لمجموعة متنوعة من الضغوط غير الحيوية تحت ظروف الحقل. تواجه الزراعة الحديثة أيضًا العديد من الضغوط اللإحيائية، مثل انخفاض مستويات الملوحة دون المستوى الأمثل، والجفاف، التبريد والحرارة كعائق رئيسي يؤثر على غلة المحاصيل (Tardieu and Tuberosa 2010؛ Saud et al. 2013)، حيث يعزى انخفاض أكثر من 50٪ في متوسط ​​غلة المحاصيل إلى تغيرات في الضغوط اللإحيائية (وانغ وآخرون 2001). تفرز النباتات مركبات خلوية معقدة وفريدة من نوعها استجابة للضغوط المختلفة من أجل منع الضرر وضمان البقاء (فهد وآخرون 2015). على الرغم من أنه قد تختلف الآليات الكامنة للضغوط غير الحيوية اعتمادا على طبيعة ومدى الإجهاد، المرحلة ومدة تعرض النبات، ولكن النتيجة النهائية للتعرض للإجهاد هو الحد من الإنبات والنمو وانخفاض الغلة للمحاصيل (Parida and Das 2005؛2008 Munns and Tester,).

نادراً ما تتوفر الظروف البيئية المثلى للنبات، من الماء والهواء والعناصر الغذائية، وغالباً ما يحصل الشد الناجم إما عن الجهد المائي الشديد والذي يعزى بسبب نقص رطوبة التربة، أو الحرارة أو الملوحة أو السمية ببعض العناصر أو نتيجة لعوامل أخرى عديدة تدفع النبات إلى محدودية النمو وربما موتها. تستخدم النباتات العديد من الاستراتيجيات كرد فعل حيوي يشدد على أن يعزز في النهاية نمو النبات وإنتاجيته في بيئات مرهقة. تشمل هذه الظواهر غير النمط المورفولوجي، وكذلك العمليات البيوكيميائية الفزيولوجية ضد العديد من الضغوط (Tuteja 2007; Saud et al. 2014) إن دراسة النبات تحت مثل هذه الظروف قد عرف بأنه “فزيولوجية الشد Stress Physiology”، ويعد هذا مهماً من ناحية فزيولوجية بيئة النبات لثلاثة أسباب هي:

1- غالباً ما تكون استجابة النبات للشد على أساس تغيير العمليات الحيوية والفزيولوجية، إذ إن دراسة حالات فزيولوجية الشد ستزودنا، في بعض جوانبها، بأهمية معرفة الآليات الفزيولوجية الحاصلة بوجود الشد لا سيما التي تحصل تحت الظروف الاعتيادية.

2- إن دراسة فزيولوجية الشد في الجانب الزراعي ستساهم في زيادة فهم العوامل التي تحدد توزع وانتشار النباتات والتغيرات الفعلية في العمليات الحيوية المختلفة خلال دورة النمو.

3- في الجانب الزراعي التطبيقي، فإن قابلية المحاصيل في الحفاظ على البقاء وبالكثافة النباتية المطلوبة تحت ظروف الشد يعد عامل رئيسي في تحديد الحاصل الاقتصادي.

فزيولوجية النباتات تحت ظروف الشد The physiology of plants under stress

يرافق التكيف مع كل هذه الإجهادات مع التمثيل الغذائي التعديلات التي تؤدي إلى تراكم العديد من المواد العضوية الذائبة مثل السكريات، البيتينات betaines، البوليولاتpolyols ، والبرولين، صيانة التوازن الأيوني، تخليق الجذور الحرة ، تخليق بعض البروتينات، تحفيز بعض الهرمونات النباتية Phytohormones (Parida and Das 2005؛ Tuteja 2007؛ Munns and Tester 2008)، غالبا ما تعتبر الهرمونات النباتية من منظمات نمو النبات وتشير إلى المركبات المشتقة من التخليق الحيوي للنبات التي يمكن أن تعمل إما في موقع نشوئها أو بعد نقلها إلى موقع آخر داخل النبات للدخول كوسيط في عمليات النمو تحت ظروف بيئية مجهدة (Peleg and Blumwald, 2011

ينظم العديد من الهرمونات النباتية نمو وتطور النباتات بطريقة منسقة من خلال نشاطها مثل حمض الخليك (ABA)، جبريلين (GA الإيثيلين (ETHY) والأوكسينات (IAA) والسيتوكينينات (CKs) و brassinosteroid (BRs)، التي تتحكم في العديد من الفسيولوجية والعمليات الكيميائية الحيوية (Iqbal et al., 2014) ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، تمت إضافة مركبات جديدة إلى هذه القائمة مثل البولي أمين وأكسيد النيتريك (NO) وستريغولاكتون strigolactone (Gray, 2004)، قد تعمل هذه الهرمونات إما قريبة أو بعيدة من مواقع تخليقها لتنظيم الإستجابات لتغيرات البيئية (Davies, 2004). وبالتالي فإن الهرمونات النباتية لها أهمية حيوية ودور وسيط في قدرة النبات لتحمل الإجهادات البيئية، والذي بواسطته قد يحاول النبات الهروب أو البقاء على قيد الحياة ضمن تلك الظروف وقد يؤدي إلى انخفاض النمو بحيث يمكن أن تركز مواردها على تحمل ذلك الشد (Skirycz and Inze, 2010)، غالبًا ما تؤدي الضغوط اللاحيوية إلى تغيرات في إنتاج أو توزيع النمو بالإضافة إلى هرمونات الإجهاد، والتي قد تعمل على تعزيز وقائي لآليات النمو(Eyidogan et al., 2012).

ربما تكون الدراسات والمعرفة العلمية عن نمو النباتات تحت الظروف الطبيعية عديدة ومتنوعة، ولكننا في أتم الحاجة إلى الاستزادة بالمعرفة العلمية التي تتحدث عن الظروف البيئية غير الاعتيادية والتي غالباً ما تكون ليست بالحسبان فتؤثر على بقاء النباتات وحيويتها وإنتاجها، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية المتكررة وظروف الاحتباس الحراري. فالأشجار والشجيرات في خطوط العرض المعتدلة شمال الكرة الارضية تتعرض إلى انخفاض درجات الحرارة الشديد خلال الشتاء، ونباتات مناطق جبال الألب تتعرض إلى البرد والرياح الجافة والمستويات العالية من الأشعة فوق البنفسجية، كما تتعرض نباتات المحاصيل الزراعية خلال مرحلة من مراحل نموها، وربما تكون طيلة فترة النمو، إلى ظروف الجفاف أو ارتفاع تركيز الأملاح في منطقة الجذور.

في السنوات الأخيرة من القرن الماضي واجهنا مشكلة تلوث التربة والمياه والهواء نتيجة الاستخدامات الجائرة لموارد البيئة من قبل الانسان، مما زاد الطين بلة فأضاف عواملاً أخرى جديدة تؤدي كلها إلى حدوث الشد الفزيولوجي خلال دورة حياة النبات والتي ربما يكون تأثيرها جوهرياً في مسألة التطور الفزيولوجية بإحداث أي رد الفعل وبالتالي البقاء.

ان فهم الاستجابة للشد له من الاهمية التي لا توصف بالنسبة لمربي النبات الذين يرومون تربية واستنباط اصناف تقاوم الشد على اختلاف أنواعه، سواءً كان الجفاف أو الملوحة أو ظروف محددات الحاصل الأخرى. وعليه، سنتناول في هذه الدراسة اختبار بعض مظاهر الشد وعرض المواضيع التالية:

ما هو الشد ؟

ليس من السهل تعريف الشد، كونه يتضمن تأثيرات مختلفة على الكائنات الحية أو أعضائها. إن الشد يمثل مظهراً ميكانيكياً في الأساس، وفي جانب الاستجابة للشد، فقد تطور هو الآخر على أنه الأثر Strain أو التغيير في الأبعاد. وعليه، فإن العلاقة بين الشد – الأثر قد وصفت بأمثلة ميكانيكية أي آلية، مثل التمدد في الحزمة المرنة او التواء تحت ظروف ضغط معين. في الأنظمة الميكانيكية، فإن كل من الشد الذي ينجم عن تطبيق حالة معينة من الضغط، أما الأثر فينجم عنه هو الآخر تغيير في الأبعاد قد تم استكشافه وقياسه.

إذن يفهم من ذلك بأنه من الصعب جداً أن يعرف الشد بمفهومه الحيوي وغير الحيوي بشكل دقيق وتام، وربما يكون التعريف متخصص ودقيق طبقاً لحالة وطبيعة الشد. وعليه، فقد قام كل من Levitt (1972 (و Turner and Kramer (1980) بوضع المصطلحات الفنية التي يمكن استخدمها بالنسبة للكائنات الحية، ولكن من الناحية العملية والتطبيقية، فإن مظاهر الشد الحيوي تحتاج إلى تضمينات للمعنى العام أكثر مما هي عليه. فعلى مستوى النظام البيئي وعلى سبيل المثال، فإن أي مانع خارجي يحدد الإنتاجية (ومنها القدرة على امتصاص الكربون في البناء الضوئي) مما يجعلها أدنى من القدرة الوراثية للنبات ويعد حالة من حالات الشد (Grime, 1979).

إن النماذج الحسابية mathematical models يمكن أن تستخدم لتقييم القدرة الوراثية على الإنتاج تحت ظروف البيئة المثالية، ولكن بدون التطبيقات العلمية العملية لتقدير القدرة الوراثية، يصبح من التنبؤ عن تأثير الشد

Create new account

Download eMufeed Android Application Now

 

للاعلان