المدينة (نشوؤها – تطورها) – مُدن العالم القديم - الجزء الرابع

**5_مُدن شرق وجنوب آسيا**

&إنّ الأهمية الرمزية في تصميم المدينة و كذلك الأهمية الدينية التي ارتبطت بمثل هذا التصميم يمكن أن نُلاحظ في مخطّط المدن القديمة في شرق و جنوب آسيا ، و بالتحديد المدن الصينيّة حيث يرمز التصميم الهندسي المقترح للمدينة إلى التنظيم العمراني الكامل ، كمدينة هوانغ هو (HWANG HO ) في شمال الصين و مُدن سلالة شانغ (SHANG) (1776 – 1122 ق.م) ، إنّ الشكل التقليدي و مخطط المدينة الصينيّة هو صورة عن النظام الصيني ، حيث أنّه عالم مرتّب و مكرّس للطاعة يرفض بشدّة كل ما هو مُنحرف و شاذ .&

&فلسفياً هناك أربعة جدران تفصل المدينة عن العالم الخارجي ، ويتم الدخول عبر اثني عشر بوابة ، ثلاث بوابات لكل جدار والتي  تمثّل أشهر السنة . المدينة كانت مربّعة الشكل ، أما شوارعها الداخلية فكانت تتجه إما باتجاه شمال جنوب و إما شرق غرب . هذه الشوارع رُتّبت و نُظّمت حول محور رئيسي يمثل خط الطول . و عند الطرف الشمالي – في موقع النجمة القطبية – توضّعت الاستراحة الملكية . قد بنيت الأبنية المقدسة بمحاذاة الشوارع الرئيسية و حولها الأحياء السكنية الأربعة و التي والتي تمثّل أرباع الدائرة الأربعة .&

نموذج عن المدن الصينيّة

&أمّا بالنسبة للمدن الهندية فإنّنا نلحظ في مخطّطاتها ترتيب الأبنية حيث تنتشر حتى ما وراء مكان المعبد و القصر وتتضمّن أيضاً تخصيص الأماكن الفسيحة لإقامة مجموعات اجتماعية مُختلفة حسب واقع السكان (الطائفة ، القرابة ، الجماعة) هذه القواعد التي ارتكزت وتأسّست عليها أماكن السكن في المدن وترمز بشكل واضح من خلال المخطّط على واقع السكان وترتيبهم الاجتماعي وتصنيفهم الديني فعندما تتأصّل في نفوس السكان – وبعمق – التقاليد و المعتقدات و الديانات ، يُصبح من السهل جدّاً استيعاب مخطّط المدينة و بالتالي فهم الفصل العمراني و الفراغي على أساس القرابة أو الدين ، هذا الفصل تلاشى مع الوقت في محاولة استيعاب السكان كافّةً و تحقيق احتياجاتهم و رغباتهم .&