* النفاخ الرئوي **
& تسير منهكة، يسبقها صفير رئتيها و وزيز في تنفسها، تنظر حولها تبحث عن حصتها من أوكسجين العالم فلا يصلها منه إلا القليل.
إنه مرض ادنا ويلسن كما هو مسجل في ملفها الطبي في المشفى و هو: مرض إنسداد الرئة المزمن COPD و هو إختصار للإصطلاح الأجنبي التالي: ( obstructive Chronic pulmonary disease ).
و هو مرض يتميز بتضييق شديد في الممرات الهوائية النهائية في الرئتين يعيق عملية تبادل الهواء بين الرئتين و الوسط الخارجي. معظم المصابين بمرض (COPD) يعانون من النفاخ الرئوي أو من إلتهاب القصيبات الهوائية المزمن أو من كليهما معاً . الأفراد الذين يغلب عليهم إلتهاب القصبات المزمن ، و يطلق عليهم أحيانا الحيتان الزرق (نظراً لزرقة كامدة تعلو جلودهم) ناجمة عن نقص أوكسجين الدم (و ميل عند هؤلاء إلى وجود سمنة واضحة في أجسادهم) .
أما المرضى الذين يعانون من النفخ الرئوي حصراً فيطلق عليهم مداعبة اسم الأسماك البنفسجيه المنتفخة. وهؤلاء المرضى تميل اجسادهم لأن تكون نجيلية .
أما لون جلودهم فيميل إلى اللون البنفسجى , كما أنهم غالبا ما يتنفسون بشفاه مزمومة، الأمر الذي يساعد على فتح الممرات الهوائية لجهازهم التنفسي.
يعاني أكثر من 12 مليون شخص من أمراض (COPD) في الولايات المتحدة الأمريكية. إن أكثر الأسباب تأهيبا للإصابة بهذا المرض هو التدخين. و معظم المصابين بهذا المرض، يستطيعون الشفاء منه بالإقلاع عن التدخين. للأسف الشديد فإن إدنا ويلسون. مريضتنا هنا مدخنة عتيدة منذ 35 سنة، على الرغم من أن عمرها الآن هو 47 سنة فقط .
لم تقدم إدنا ويلسون على ترك التدخين، و مرض COPD التي لازالت تعاني منه هو نتيجة لإصابتها بشكلين من أشكال هذا المرض: النفاخ الرئوي و إلتهاب القصبات المزمن.
يعاني مرضى التهاب القصبات المزمن من كثرة الإفرازات المخاطية في لمعة ممراتهم الهوائية. و من إلتهاب عام و مزمن في مجمل قنواتهم التنفسية .
و من البديهي أن تراكم المخاط في لمعة القصبات التنفسية سيضيق هذه القنوات التنفسية و يجعل التنفس عملية صعبة للغاية.
إن مقاومة هذه القصبات لدخول الهواء إلى الرئتين ستزداد زيادة كبيرة مع نقصان نصف قطر هذه القصبات التنفسية.
بدأ مرض إدنا بالتهاب قصبات مزمن، تجلى بسعال صباحى حاد منتج لكميات كبيرة من المخاط، كانت إدنا ترحله خارج جسمها عبر السعال و العطس و منعكسات التنفس المنظفة لشجرة الممرات الهوائية في رئتيها، لكن دخان السجائر الذي كان يتراكم تباعاً في قصباتها الهوائية كان يشل أيضا تلك الأهداب التي كانت تساهم في ترحيل المخاط خارج جهازها التنفسي. كما أن دخان السجائر كان يهيج الغشاء المخاطي المبطن للقصبات ما سيقود إلى تراكم المزيد من المخاط في لمعتها مع صعوبة حقيقية - إن لم يكن إستحالة - في ترحيل هذا المخاط ، فينشط تبعاً لذلك منعكس السعال الذي يحاول ترحيل ما يستطيع من هذا المخاط المتراكم. و كثرة السعال، سوف تقود تدرجياً إلى تطور حالة من النفاخ الرئوي إضافةً إلى التهاب القصبات الذي تطور مسبقا بفعل التدخين.
النفاخ الرئوي، تدريجياً، سيذهب بمرونة الرئتين و يقضي على الألياف المرنة في جدران الأسناخ الرئوية، تلك الألياف المسؤولة عن إنكماش الأسناخ الرئوية و تضيقها في أثناء الزفير.
هذا الإنكماش ضروري لإتمام عملية الزفير توجد الألياف المرنة (fibers Elastic) في جدران الأسناخ، و تتحطم هذه الألياف تحت تأثير إنزيم يدعى الإلاستاز (Elastase)، و يقوم بإفراز هذا الأنزيم خلايا بلغمية خاصة موجودة في بطانة الأسناخ و يفور نشاط هذه الخلايا بشكل إستثنائي عند المدخنين بهدف القضاء على مسببات التهيج في الأسناخ الرئوية و القصبات.
هذا النشاط الزائد لهذه الخلايا و فرط إفرازها من إنزيم الإلاستاز سيحطم الألياف المرنة و يعيق حدوث عملية الزفير. سيعاني المصابون بالنفاخ الرئوي في إتمام عملية الزفير أكثر ما يعانون في إتمام عملية الشهيق . فالأسناخ الرئوية في مرض النفاخ الرئوي فقدت القدرة على الإنكماش و التضيق الأمر الذي يجعل عملية الزفير - التي تحدث عادة بشكل تلقائي و منفعل - عملية متطلبة لجهد كبير و تحتاج إلى يقظة و قرار.
بدأت إدنا تعاني من قصر واضح في نفسها، ولا سيما عندما تقوم ببعض التمرينات الرياضية. و لذلك أخضعها طبيبها الخاص لمجموعة من الفحوص التنفسية:
شملت هذه الفحوص التنفسية قياس بعض حجوم الرئتين و السعات الرئوية المعروفة بواسطة جهاز خاص يدعى مقياس النفس (Spirometer). و في أحد هذه الفحوص طلب من إدنا أخذ شهيق عميق تستطيع بموجبه إدخال أكبر كمية من الهواء تستطيع إدخاله إلى الرئتين ثم طلب إليها إخراج أكبر كمية مما دخل من هواء عبر زفير قصري فاعل.
وهنا وجد الطبيب بأن ما استطاعت إدنا إخراجه من هواء الزفير الموجود في رئتيها كان في الثانية الأولى أقل من الرقم الفيزيولوجي المتوفع.
FEV1 يحدث هذا عندما تكون مقاومة الممرات الهوائية لإخراج الهواء مرتفعة، هذه الحالة متوقع حدوثها عند الأشخاص الذين يعانون من (COPD). طلب الطبيب أيضاً فحصاً دموياً لعد الكريات الدموية في دم إدنا و جاءت النتيجة لتشير إلى وجود زيادة واضحة في عدد الكريات الحمر في دم إدنا عن العدد الطبيعى المتوقع وجوده لديها فيما لو لم تكن مصابة بمرض (COPD) و كان الهيماتوكريت مرتفعاً أيضا في دمها. عندما غادرت إدنا المشفى، حملها الطبيب وصفة تضم أدوية تقوم بالوظائف التالية:
1 - أدوية مميعة للمخاط و منقصة للزوجته (أدوية إماهية تميه المخاط و تجعله رقيقا خفيفا يمكن طرحه بسهولة).
2-موسع للقصبات الهوائية (أدوية تزيد من قطر المصرات الهوائية و بالتالي تنقص من المقاومة لمرور الهواء فيها).
3 - أدوية مضادة للإلتهاب (أدوية تبقي على الأسناخ الرئوية سليمة غير مهيجة ومفتوحة لمرور الهواء منها وإليها).
إذا وصفة الطبيب لادنا هي الإقلاع عن التدخين فوعدت أن تحاول ذلك، و قد زودت بنصائح و آليات لتسهل عليها فعل ذلك. لسوء الحظ فإن التغيرات التي حدثت في رئتي إدنا لم يعد بوسع أحد أن يعكسها، و بالتالي فإن على إدنا أن تخضع لمعالجات دوائية لما تبقى لها من حياة.
تدل الإحصائيات على أمراض (COPD) هي الرابعة على قائمة أكثر الأمراض مجنبة للموت في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن علاج هذه الأمراض يكلف ما يزيد عن 30 بليون دولار سنويا، ناهيك عن تكاليف إضافية تتعلق بالإنقطاع عن العمل وسوى ذلك. &
**بعض الاسئلة الهامة حول الحالة**
& السؤال الأول: ما علاقة تضيق الممرات الهوائية المفضية إلى الرئتين بالمقاومة التي تبديها هذه الممرات لدخول الهواء أو خروجه منها؟
الجواب: إن تضيق أي وعاء بإنقاص نصف قطره سيقود إلى إرتفاع المقاومة التي يبديها هذا الوعاء لدخول الهواء أو السوائل أو خروجهما عبره، و ينظم قيمة المقاومة المعادلة التالية: R=4nl/πr4
حيث R - المقاومة
4 ثابت
L طول الوعاء
N لزوجة المادة الجارية في الوعاء
π3.14
R نصف قطر الوعاء
السؤال الثاني: لماذا يصبح الأشخاص المصابون بإلتهاب القصبات المزمن أكثر عرضة للإصابة بأمراض تنفسية مقارنة بغير المصابين بهذا المرض؟
الجواب: دخان السجائر الذي يشكل السبب الرئيسي للإصابة بإلتهاب القصبات المزمن يشكل حركة الأهداب الخلوية التي تساعد على ترحيل المخاط المتكون في مجاري القصبات الهوائية و بالتالي فإن هذا المخاط يتجمع و يضيق لمعة المجاري التنفسية كما أن الجراثيم التي تسكن هذه المخاط أو تحتجز ضمنه يمكنها هنا أن تتكاثر و تؤذي المكان و تسبب إلتهابات مختلفة فيه و بالتالي تحدث أذيات تنفسية في الشخص المصاب.
السؤال الثالث: ما هي العضلات التنفسية الزفيرية التي يجب عليها أن تنقبض لإتمام حدوث زفير قصري؟
الجواب: يحدث زفير عادي عادة بشكل منفعل و يسهل حدوثه التركيبات المرنة في القفص الصدري و الرئتين و الحجاب الحاجز و لكن الزفير القصرى يتطلب تدخل عضلات زفيرية لإنجازه مثل العضلات الوربية الداخلية(muscle inter internal) و العضلات البطنية.
السؤال الرابع: ما هي الحجوم والسعات التنفسية التي يمكن لمقياس النفس قياس حجمها ؟
1 - حجم الهواء الجاري (TV): هو حجم الهواء الذي يدخل مع كل شهيق و يخرج مع كل زفير و قيمته 500 مل.
2- حجم الشهيق الإحتياطي IRV :هو أكبر كمية من الهواء يمكن إدخالها إلى الرئتين زيادة على حجم الهواء الجاري و قيمته حوالي 3000 مل.