^كانت الأحياء السكنية تشغل أكبر مساحة في هذه المدن مثلها في ذلك مثل جميع المدن في جميع العصور.^
&لم تتبع الأحياء السكنية في مدن بلاد الرافدين نظاماً ثابتاً خلال آلاف السنين . وكان الآشوريون أول من أدخل الشوارع المتعامدة إلى تنظيم المدن ولكن البنية الداخلية للأحياء السكنية بقيت مُرتبطة بملكيّة العقارات وبنظام الإرث ، الذي تتغيّر بسببه أشكال العقارات باستمرار وتعطيها شكلها غير المنتظم ، كما في حي من أحياء مدينة أور .&
&إنّ الشوارع المتعرّجة التي يختلف عرضها من مكان إلى آخر والتي تتفرّع عنها الأزقّة المسدودة ، التي تؤدي إلى البيوت الواقعة بعيداً عن الشوارع بقيت إلى عهد قريب ميّزة من ميّزات النسيج العمراني في مُدن المشرق .&
&مظهر الشوارع ذو طابع مميّز كونها مُحاطة بالبيوت المؤلّفة من طابق واحد أو طابقين والمغلقة تماماً نحو الخارج والمنفتحة على فناء داخلي ، فباب البيت هو الفتحة الوحيدة المطلّة على الشوارع والأزقّة .&
&إذا نظرنا إلى الحي المعروف بحي إبراهيم في مدية أور ، الذي يعود إلى حوالي عام 2000ق.م . نجد أنّ أشكال البيوت قريبة من المستطيل تتخلّلها شرائح طوليّة كانت عبارة عن دكاكين ومشاغل حرفية . وعند تقاطع الشوارع كانت تقوم معابد صغيرة خاصّة بالحي . ومن ميزات هذا الحي الزوايا المُشكّلة على هيئة مُنحنيات لتسهيل الحركة .&
&ولكن بالمقارنة بين الأحياء السكنيّة التي تمّ التنقيب عنها في مدينتي أور وبابل ، وهي الأحدث عهداً ، نجد أنّه تمّ تبسيط شبكة الطرقات مع الوقت ، فقد قلّت الأزقّة المسدودة مثلاً مما يُسهّل الحركة داخل الأحياء .&
أمّا في بابل حيثُ تمّ الكشف عن أحد الأحياء المركزيّة ، فيُعتقد أنّ مُجاورة الحي لشارع المواكب المستقيم أعطى الحي هذه البنية الأكثر انتظاماً ، التي تتميّز بالشوارع المتعامدة تقريباً وبالعقارات المنتظمة نوعاً ما . ونلاحظ أنّ الانتظام يقلّ كلما ابتعدنا عن شارع المواكب . اللافت للنظر تجاور بيوت كبيرة مكوّنة من عدد من الأفنية وبيوت أصغر تحيط بفناء واحد .&
&يُعتقد أنّ الانتقال من البيت المحيط بالفناء ، الذي كان مخصّصاً للحياة الزراعيّة وتطوّره ليُشكّل نموذج البيوت السائدة داخل المدن وليكون جزء من نسيج الأحياء السكنية المُترابطة ، قد تمّ في حوالي عام 2000ق.م . ويُعتبر البيت الذي يعود إلى هذه الفترة والذي عُثر عليه في مدينة أور نموذجاً مثالياً لهذه البيوت .&
حي سكني في مدينة أور
*بيت مدينة أور*
&هذا البيت مُغلق تماماً نحو الخارج وجميع غرفه وفراغاته تنفتح نحو الداخل باتجاه الفناء الداخلي ، كما يتمّ الوصول إلى هذه الفراغات من خلال الفناء التي يشكّل المصدر الوحيد للإنارة والتهوية في هذا البيت .&
&أغلب غُرف البيت هي عبارة عن فراغات مستطيلة طويلة يتمّ الدخول إليها من منتصف الضلع الطويل المُطلّ على الفناء . هذا النموذج من الفراغات تمّ اقتباسه واستخدامه في أغلب أنماط المباني في منطقة الشرق الأوسط . مدخل البيت يقع في زاوية المبنى ويؤدي إلى الفناء بشكل مُنكسر ، لا يمكن معه للمارة رؤية داخل البيت .&
&تتوضّع في جنوب الفناء الغرفة الرئيسية في البيت ، على الجوانب الأخرى نجد المطبخ وغُرف المؤونة وفراغات أخرى . وكثيراً ما تمّ توسيع البيوت في فترة لاحقة باتجاه شاقولي بإضافة طابق علوي ، كما هو الحال في هذا المثال ، الذي يتمّ الوصول إلى غرفه عبر رواق مُطلّ على الفناء