مقدمة:
يصعب الحديث عن العامل الواحد في تفسير الظواهر السلوكية وينطبق ذلك على ما استوى من السلوك وما شذ منه.
وتعد مسألة الوثوقية في الاضطرابات مسألة نسبية ديناميكية تخضع للزمان والمكان كما تخضع للفروق الفردية والثقافية شأنها شأن معظم الظواهر النفسية.
وتكمن عند محاولة تصنيف العوامل إشكالية لا ينكرها أي من الباحثين في ميادين الشذوذ النفسي والعلاقات الإنسانية وما تنطوي عليه.
ميزات بعض المحاولات التصنيفية لعوامل الشذوذ بين عدة عوامل:
1-عوامل مهيئة: تمهد للاضطراب السلوكي وتشكل التربة الصالحة له.
حيث يبرز ممثلاً عنها التاريخ النمائي للفرد تحت تأثير الوراثة من جهة والخبرات المرتبطة بأبعاد النمو الجسدية والانفعالية والاجتماعية من جهة أخرى.
2-عوامل مساعدة أو معجلة: وهي العوامل التي تسرع في إظهار الاضطراب مستغلة ضعف التكوين والتحصين النفسي لدى الفرد.
من أمثال الهزات الانفعالية العنيفة أو الصدمات المفاجئة التي يندرج تحتها من يملك أساساً قدره ضعيفة على المواجهة.
العوامل في الشذوذ النفسي:
بينما تميز محاولات أخرى بين:
عوامل نفسية: مرتبطة في البنية النفسية وقوة الأنا لدى الشخص ومدى سيطرته الإرادية على ممارسة انضباط المطلوب في مواجهة اندفاعاته ونزواته وتوجيهها.
عوامل بيولوجية: تتحكم الوراثة فيها بالورقة الرئيسية ويفسر الاضطراب تبعاً لها من الألف إلى الياء.
وعوامل اجتماعية ثقافية: تلعب فيها المعايير الثقافية لما هو سوي أو شاذ دور الصدارة ويستدل أصحاب هذا الاتجاه على صدق مساعيهم بالفروق الثقافية التي تختلف من مجتمع إلى آخر وأحياناً من جماعة إلى أخرى ضمن المجتمع الواحد.
ومن السهل العثور على محاولات يقتصر تصنيفها للعوامل إلى صنفين أو مجموعتين:
عوامل داخلية: ترتبط بالإنسان وخبرته الخاصة وما نتج عنها من بنية داخلية متميزة عن غيرها في أسلوب حياتها وطرائق تعاملها مع مثيرات مفترضة.
عوامل خارجية: تعود لمحيط الفرد وما ينطوي عليه من مواقف ضابطة وضاغطة.
سنركز على العوامل في الشذوذ بدلاً من أسباب الشذوذ تمييزاً لآلية الظاهرة السلوكية، التي يقوم بها الإنسان عن مثيلاتها في التجمعات غير الإنسانية وكذلك عن مثيلاتها من الظواهر الطبيعية.
فإذا كان بالإمكان الحديث عن سبب طبيعي مادي أو فيزيولوجي له نتائجه المباشرة التي يمكن التعامل معها على أساس السبب والنتيجة في ظواهر يلعب فيها هذا النوع من الأسباب دوراً يمكن التحقق منه تجريبياً.
فإن هذا الأمر لا يصح على الظاهرة السلوكية عند الإنسان التي يندر أن ينتجها سبب واحد.
وإنما تتضافر على حدوثها مجموعة أسباب تتفاعل فيما بينها وتتجاوز في تفاعلها هذا حاصل الجمع التكاملي لإثارها منفردة.
من هنا نفضل الحديث عن العلة الفاعلة في حدوث الشذوذ بلغة العوامل، على أساس تكاملي علائقي ديناميكي، يبتعد عن مبدأ السبب والنتيجة غير المضمون استخدامه في إطار ظاهرة الشذوذ.
من منطلق أن السبب هنا لا يعطي نتيجة نفسها فيما لو