تأثير الإجهاد المائي على دورة كالفين؟
تعتبر دورة كالفن (Calvin cycle) عبارة عن تفاعلات كيميائية حرارية (Thermochemical reactions). تتم في سلسلة من الخطوات الدورية المتتابعة، حيث يتم تكوين طلائع الكربوهيدرات خلال هذا الجزء من عملية البناء الضوئي. ولا تستلزم هذه العملية وجود الضوء ولذا سميت بتفاعل الظلام. وفيها يتم تثبيت ثاني أكسيد الكربون لأنه يتم خلاله تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربوهيدرات. كما يتضح لنا تسميتها بدورة كالفن لأن مكتشف سلسلة التفاعل هذه هو العالم كالفن ولأنها تؤدي إلى إعادة إنتاج المركب الذى بدء به التفاعل مؤدية بذلك إلى تكرار العملية.
وتختلف طريقة تثبيت ثاني اكسيد الكربون بحسب تركيب الورقة والمناخ الذي ينمو فيه النبات، وهناك ثلاثة أنواع من النباتات تختلف عن بعضها البعض في طريقة تثبيت ثاني أكسيد الكربون وهنا سنتطرق على تفاعلات النباتات ثلاثية الكربون (C3 Plants) ومن أمثلة هذه النباتات الأرز والقمح وفول الصويا التي تعتبر من المحاصيل الزراعية الهامة. ويتم تثبيت ثاني أكسيد الكربون في هذه النباتات خلال تفاعلات دورة كالفن في خلايا النسيج المتوسط (Mesophyll). حيث يقوم إنزيم كربوكسيلاز ثنائي فوسفات الرايبولوز (Ribulose diphosphate carboxylase) بتحفيز تفاعل ثاني أكسيد الكربون مع مركب ثنائي فوسفات الرايبولوز، لينتج جزيئين من مركب حمض ثلاثي فوسفوجليريك (3-PGA) وهو المركب الأول الناتج بعد تثبيت ثاني أكسيد الكربون والذي يتكون من ثلاث ذرات كربون، ولذلك سميت هذه النباتات بالنباتات ثلاثية الكربون (C3).
شكل 3: دورة كالفين لإنتاج المركبات الكربوهيدراتية في النبات
في ظروف الإجهاد ظلّت كميات أنزيم الروبيسكو Rubisco لكل وحدة مساحة ورقة ثابتة تقريبًا، على الرغم من انكماش الأوراق، بينما انخفض محتوى الريبولوز Ribulose 1،5-bisphosphate (RuBP) في الأوراق بشدة عند الإجهاد الخفيف للغاية، في المقابل انخفض نشاط Rubisco فقط من خلال الضغط الشديد نسبيًا ويرتبط ذلك مع الانخفاض في امتصاص CO2. إذاً تم تثبيط أنزيم الروبيسكو، بالتالي سوف تتراكم RuBP، وعلى الرغم من أن دورة كالفن تكون ذاتية التحفيز وانخفاض امتصاص CO2 من شأنه أن يقلل من توليد RuBP. لم يتأثر محتوى حمض ثلاثي فوسفوجليريك (3-PGA) لكل وحدة مساحة بنقص المياه.
نستنتج مما سبق أن الإجهاد المائي يضعف عملية التمثيل الضوئي من خلال انخفاض تشكيل RuBP الناجم عن انخفاض محتوى ATP، وهو نفسه نتيجة انخفاض في تخليق مركب ATP، مما يؤكد أن تخليق ATP متعلق بحسب ظروف الجفاف داخل الخلية. حيث أن انخفاض محتوى ATP متعلق بشكل مهم مع عملية التمثيل الضوئي داخل الخلية النباتية وذات صلة قوية بالكشف عن آثار الإجهاد المائي.
فضلاً عما ذكر من تأثيرات متعددة لنقص الماء سواءً في عمليات التمثيل الضوئي أو العمليات الحيوية الأخرى، فإن توسع وكبر الخلايا في الأنسجة النباتية عموماً يتأثر سلبياً وبدرجة واضحة، على الرغم من حصول التعديل الأسموزي بكفاءة عالية فيها. وحقيقة الأمر، إن التعديل الأسموزي مهما كان كبيراً وكفوءاً فإنه لايكون بالصورة المثلى. أي بمعنى أنه لو كانت عملية انتفاخ الخلايا ليست عامل تحكم، فإن الإجابة على التساؤل حول كيفية تحديد نقص الماء لتوسع وكبر الخلايا لابد أن يبقى قيد البحث والتمحيص.
النمو الخضـري:
يقلـص الجفاف كل من طول وقطر الساق، طول السلاميـات، عدد الأوراق ومساحتها وهذا عند النباتات بصفة عامة (May et Milthorpe., 1962 in Nemmar.,1983). واعتبر Fereres (1984) أن حساسية المساحة الورقـية تجاه إجهاد مائي متوسط هي بمثـابة آلية تكيفية تساهم في نقل المواد الممثلة (الكربوهيدرات) من أجل نمو الجذور، وبالتالي تحسيـن الحـالة المائيـة للنبات، وفي دراسـة على نبات عبـاد الشمس (Liana et al 1972., in Nemmar., 1983) تبين أن العجز المائي خلال المرحلة مرحلة النمو الخضري يقلّص بشكل ملحوظ طول الساق ويثبط (يكبح) تركيـب المادة الجـافة. كما بينت النتائج التي تحصل عليها في دراسة على خمسة أصناف من القمح عرضت لمستويات متزايدة من الاجهاد المائي، أنه كلما كان هذا الأخير شديداً، كلما تقلصت المساحة الورقية أكثر (Adjab, 2002).
التكاثر والنضج:
بيّنـت أغلب الدراسات (Casals, 1996) أن الفتـرة بين مرحلتي الإزهار والنضـج هي الأكثـر حساسيـة للإجهـاد المائي، وأهـم عارض لذلك هو ظـاهرة الإبيضـاض ( Glaucescence) الذي يؤدي إلى تقليـص واضح للمردود (الغلة)، حيث يؤدي الاجهاد المائي الذي يصادف مرحلة التكاثر إلى تحديد عـدد السنابل وإجهاض السنيبلات في طرفي السنبلة، كما تنخفض حيوية حبوب الطلع بسبب نقص الماء والعناصر المغذية (Grignac.,1986).
أما العجـز المائي الذي يصادف مرحلة النضـج فهو غير ملائـم تماماً، حيـث يخفّـض بشكـل كبيـر من وزن الحبوب (Meklich et al.,1993)، وذلك بتـأثر عملية امتـلاء الحبـوب نتيـجة تباطـؤ أو توقـف هجـرة المواد الكربوهيدراتية الممثلة في الأوراق وهو ما قـد يمثـل السبب الرئيـسي في محدودية المردود النهائي.
ويمكن تلخيص تأثير الإجهاد على صبغات البناء الضوئى بما يلي:
- لوحظ احتواء أنسجة الميزوفيل في الطماطم على حبيبات نشا كبيرة تتمركز في وسط العضيات اليخضورية.
- لوحظ احتواء البلاستيدات الخضراء على الليبيدات.
- لوحظ أن حبيبات النشا الكبيرة الموجودة بالبلاستيدات تكون محاطة بغشاء رقيق.
- في حالة عدم وجود حبيبات النشا فإن الجرانا (مجموعة مصفوفات من الثيلاكويد) تكون عديدة وصغيرة.
- لوحظ انتفاخ البلاستيدات وتآكل الجرانا.
- لوحظ وجود العديد من الريبوسومات فى البلاستيدات.
- لوحظ إنكماش وتقلص حجم البلاستيدات الخضراء.
- لوحظ أن البلاستيدات في بعض الحالات تصبح بدون الجرانا grana تقريباً.