^التشريع يجب أن يبنى على استراتيجية ومستهدفات المخطّط وبالتالي الحاجة إلى أن تتضمّن التشريعات هذه الاستراتيجيات والمستهدفات ، والتي تتطلب أن يكون التشريع مرناً وقابلاً لاستيعاب هذه التعديلات كلما كان ذلك مطلوباً ، كما يجب أن يشمل التشريع الأسس اللازمة للمحافظة على البيئة والقيم والتراث ويبرزها كهدف أساسي .^

&ونستهدف من طرح كل ذلك دراسة هذا الموضوع في إطاره المتكامل ، كأداة من أدوات التنفيذ في مجال العمران لها تأثيرها في تشكيل المدن ، وعلاقة ذلك بما تستهدفه من تجاوز لمرحلة النقل إلى مرحلة العطاء والإبداع ، مُعتمدين في ذلك على بيئتنا وتراثنا ، وبالتالي طرح الأسس التي يجب أن يُبنى عليها المشاريع .&

&لم يكن التشريع في مجال التخطيط الحضري والمباني من التشريعات القديمة والمتوارثة والتي طوّرت من تشريعات سابقة أو اقتبست منها ، مثل القوانين المدنية والبحرية وغيرها ، بل نجد بداية التشريع في هذا المجال لا تتجاوز نهاية القرن الماضي والمواضيع محدّدة تناولت الطرق والارتفاعات ، أي خطوط التنظيم وعلاقة الطريق بارتفاع المباني المطلّة عليه ، إلا أنّ العديد من الأسس التشريعية في مجال التخطيط والمباني هي متوارثة كأعراف بين المجتمعات . وورد البعض منها كمواد أو ضمن فصول من القوانين المدنية ، كما أنّ العديد من الأسس تنطلق من حقوق ومسؤولية المالك .&

*الأعراف والشرائع والقانون المدني*:

&هناك العديد من الأسس والمبادئ التخطيطية ونُظم المباني تكوّنت من خلال ما أقرّته الأعراف والشرائع في المجتمعات ، وأقرّت بالقوانين المدنية . وفيما يلي نُشير إلى أهمّها :&

1_ حق المرور ، وحق الارتفاق .

2_ حق النور .

3_ حق الهواء .

4_ الخصوصية وعدم الإشراف .

5_ منع الإزعاج .

6_ منع الخطر والضرر .

7_ المسؤولية عن الضرر الناتج عن الملكية .

8_ الجداول والجدران والمرافق المشتركة .

9_ الأسس الخاصّة بالصرف لمياه الأمطار والمحافظة على الجداول والقنوات الطبيعية ، كذلك الأسس الخاصة بقنوات المياه وحقوق الري من مصادر المياه الطبيعية كالعيون ، كذلك الآبار المشتركة .&

**مبدأ الضرر والضرار**:

&ومن أهم المبادئ التي طبّقت في هذا المجال في إطار الشريعة الإسلامية مبدأ الضرر والضرار ، أي تحليل الحدث ، سواء كان حدثاً في الاستعمال أو في العمران وما يحدثه هذا الحدث من ضرر للجار والوضع القائم ، فإذا ما ثبت أن هذا الحدث قد شكّل ضرراً بالجار ، سواءً في عقاره أو ظروف حياته ، استوجب منع ذلك وإزالة الضرر .&

&ويدخل ضمن الضرر الأعمال التي تؤدي إلى تضييق الطرق العامة كتقليل عرضها أو بناء مبانٍ عليها بارتفاع أقل من الحد الأدنى ، كما يدخل ضمن الضرر المؤثرات في مصادر المياه وجداولها ، سواء أكانت آبار أو قنوات .&

&كما يُعرف الضرر بالضرر الاحق للتصرّف ، أما الضرر القائم ، فإنّه لا يحق للقادم الجديد المطالبة بإزالته ، مثل إنشاء مبنى جديد مجاور لفرن قائم ، فإنّ صاحب المبنى الجديد على علم بالوضع ومؤثرات الفرن ، وعليه تحمّل ذلك .&

&هذا كما سبق الإشارة إلى نظام الفصل في الاستعمالات في النظام الإسلامي وفصل الأسواق عن الأحياء السكنية ، كذلك تجميع كل سوق في منطقة أو طريق تختص بنشاط السوق .&

&ويدخل ضمن الضرر الإفرازات أو الأعمال المضرّة من أصحاب المحلات التي تسبب أذى للجار ، أو الطريق العام ، كالصرف في الطرقات ورمي الأنقاض والقمامة وحجز الطريق .&

&وقد أسّست التشريعات الحديثة لتشمل الأسس والمبادئ الخاصة بالحقوق التي سبق تحديدها والتي تكفل منع الضرر ، وهو منهج الشريعة الإسلامية والذي طبّق بالمدن الإسلامية من قبل الحسبة والقضاء .&

*الأعراف والشرائع والقانون المدني*:

&إنّ الأسس والمبادئ والأعراف التي تحكم العديد من الجوانب التخطيطية ونظم المباني ظهرت في القوانين المدنية بمعظم البلاد ، ومنها القانون المدني الليبي الذي يتضمّن مواضيع هذه الأعراف ضمن المواضيع التالية ، على سبيل المثال :&

&1_ حق الارتفاق الذي يحكم حق المرور القائم وحق الإنارة والتهوية للفتحات القائمة .

2_ موضوع المصارف الطبيعية .

3_ موضوع مسؤولية المالك عن الخطر وكذلك مسؤولية المتسبّب عن الإزعاج .

4_ موضوع الخصوصية والتلصّص .

إلى غير ذلك من المواضيع التشريعية المؤثّرة في الجوانب التخطيطية كأسس عامة .&

**تنظيم المدن والقرى القديمة اعتماداً على الأعراف وأسس المهن**:

&تجدر الإشارة إلى أنّ النظام المعماري والتخطيطي في المدن والقرى لم يعتمد على التشريعات القائمة بل كان يعتمد على الأسس التخطيطية التي تمّ بها المخطّط ، سواء أكان مخطّطاً جديداً متكاملاً كالمدن الرومانية واليونانية وأسسها أو تطويرها أو توسيعها للمدينة القائمة ، وبالتالي كان يحكم هذا النظام ما أشير إليه من أعراف وأسس للمهن ، كذلك الواقع الموجود به المخطّط وحرص المجتمع والدولة على حماية المنشآت العامة ، ويأتي في مقدّمتها الطرق واتساعها ومنع أي مبانٍ عليها إلا طبقاً لأسس محدّدة (ارتفاع الأقواس والبواكي والأقبية بحيث لا تحول دون مرور المركبات والدواب المحمّلة) (الجمل المحمّل من حيث الارتفاع وكحد أدنى للعرض) ، كذلك يأتي المصدر الذي يغذّي المدينة بالمياه ، سواء كانت آباراً أو عيوناً ، وضرورة حمايتها وعدم التعدّي عليها ، ومثله وسائل الصرف وأسوار المدينة وأبوابها وأبراجها ومساجدها .&

&ونلاحظ أنّ المدن قديماً كانت صغيرة ، وخاصّة المساحات التي تقع داخل الأسوار ، ولذلك لم يكن هناك تباين في أنواع المباني والارتفاعات ، وبالذات المباني العادية حيث لم توجد خلافات كبيرة في الاستعمالات أو الارتفاعات دعت إلى الفصل الواضح .&

**الأنشطة التسويقية**:

&وكثيراً ما كانت الأنشطة التسويقية والحرف ضمن المناطق السكنية في المدن الأوروبية . وقد تميّزت المدن الإسلامية التي ظهر بها نظام الأسواق المميّز والمنفصل عن الأحياء السكنية الأساسية ، وعليه كان هذا النظام هو الأساس لفصل الاستعمالات ، ومنعاً لما تُحدثه الأسواق من إزعاج للمناطق السكنية .&

&كما أنّ منطقة الأسواق تشكّل في ذاتها تقسيمات ثانوية تحدّد مختلف المهن الصناعية والحرفية والتسويقية ، مثل :

إنشاء حساب جديد

قم بتنزيل تطبيق eMufeed Android الآن

 

للاعلان