التهاب العظم والنقي Osteomyelitis:
يعرّف التهاب العظم والنقي بأنّه التهاب في نقيّ العظم مع ميل للتطوّر، وهو ما يميّزه في الفكّ عن الخرّاج السنّي السنخي الواسع الانتشار وعن "السنخ الجاف" وعن التهاب العظم، المشاهدة في حالات الكسور المصابة بالخمج، حيث يشمل الصفائح القشريّة المجاورة وغالباً ما يتضمّن النسج السمحاقيّة.
في حقبة ما قبل اكتشاف الصادّات الحيويّة، كان التهاب العظم والنقي في الفكّ السفلي شائعاً، ومع وصول الصادّات الحيويّة أصبح مرضاً نادراً، وفي السنوات الأخيرة أصبحت العقاقير المضادّة للجراثيم أقلّ فعاليّة فنتج عن ذلك ظهور جديد للمرض، مقدّمًا تحدّيات تشخيصيّة وعلاجيّة كبرى بالنّسبة للأطبّاء، فرغم تقدّم المعالجة ما يزال هذا المرض مسبّبًا مهمًّا للوفيّات بين المرضى، ويتطلّب عدّة عمليّات جراحيّة ومعالجة طويلة الأمد مع فقدان للأسنان و/أو عظم الفك.
تحتمل إصابة الفك السفلي بالتهاب العظم والنقي بنسبة أكبر بكثير من العلوي وذلك بسبب طبيعة الصفائح القشريّة الكثيفة وقليلة التوعية وبسبب كون التغذية الدموية تأتي بشكل رئيسي من الحزمة الوعائيّة العصبيّة السنخيّة السفليّة، ويكون أقل شيوعًا في الفكّ العلوي بسبب التروية الدموية الممتازة الآتية من عدّة أوعية مغذّية. يضاف إلى ذلك كون عظم الفكّ العلوي أقل كثافة بكثير من الفك السفلي.
قد تساهم مناعة المضيف الضعيفة، موضعيًّا وجهازياً، بشكل مهم بظهور المرض ودخول المريض إلى الشكل السريري من المرض، يرافق التهاب العظم والنقي عدّة أمراض جهازيّة تتضمّن السكّري وحالات المناعة الذاتيّة والخباثة وسوء التغذية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب أمّا الأدوية المرتبطة بالتهاب العظم والنقي فهي الستيروئيدات وأدوية العلاج الكيميائي والبسفوسفونات، كما أنّ الحالات الموضعيّة المؤثرة سلبًا على التروية الدموية قد تؤهّب المضيف لإنتان العظم، فالمعالجة الشعاعيّة والتصخّر العظمي osteopetrosis وأمراض العظم قد تغيّر من التروية الدمويّة للمنطقة وتؤمّن بالتّالي مرتكزَا مهمًّا لنشوء التهاب العظم والنقي .
التصنيف:
قُدِّمت العديد من الطرق لتصنيف التهاب العظم والنقي على مرّ السنين، اقترح نظام تصنيف معقّد من قبل Cierny وزملائه، وصُنِّف التهاب العظم والنقي إلى كونه قيحيًّا supporative أو غير قيحيnonsupporative من قبل Lew وWaldvogel ، ثمّ عُدِّل هذا التصنيف من قبل Topazian. كما صنّف عدّة مؤلّفين التهاب العظم والنقي إلى دموي المنشأ hematogenous أو ثانويًّا لإنتان بؤريّ. واقترح نظام آخر من قبل Hudson حيث قسّم مظاهر التهاب العظم والنقي بشكل أساسي إلى نموذج حاد ومزمن.
مع تعدّد أنظمة التصنيف، أصبحت المفارقة لتصنيف التهاب العظم والنقي واضحة مع ذلك، ولأجل التبسيط، إن نظام التصنيف المقدّم من قبل Hudson هو الأكثر فائدة للسريريّين، حيث يقسم التهاب العظم والنقي إلى نموذج حاد ومزمن حسب مظاهر المرض لمدّة شهر واحد.
1. التهاب العظم والنقي الحاد
a. البؤري المعدي contiguous focus / b. المترقّي / c . دموي المنشأ
2. التهاب العظم والنقي المزمن:
a. متعدّد البؤر الناكس / b. التهاب العظم والنقي لغاري. / c . القيحي واللاقيحي
d. المصلّب.
المظهر السريري:
بشكل متكرر جدًّا، وكما في أيّ إنتان، تظهر هذه الأعراض عند مريض التهاب العظم والنقيّ في المنطقة الفكّيّة الوجهيّة:
الألم، التورم والوذمة في النسج المغطية، تضخم بالعقد اللمفية، حمى، نمل في العصب السنخي، ضزز، وهن، نواسير.
غالبًا ما يوصف الألم في التهاب العظم والنقي بأنّه عميق ومزعج، وغالبًا ما يكون غير متناسب مع الصورة السريريّة، في التهاب العظم والنقي الحاد يشاهد التورّم والوذمة بشكل متكرّر جدًّا في النسج المغطّية، والتي تشير إلى مرحلة الالتهاب الخلوي من العمليّة الالتهابيّة في العظم تحتها، ترافق الحمّى غالبًا التهاب العظم والنقي الحاد، بينما تندر مشاهدتها في التهاب العظم والنقي المزمن، يعتبر نمل العصب السنخي السفلي علامة كلاسيكيّة للضغط على العصب السنخي السفلي من قبل العملية الالتهابية ضمن نقي العظم في الفك السفلي.
قد يتواجد الضزز إذا وجدت استجابة التهابيّة في العضلات الماضغة في المنطقة الفكية الوجهيّة، يشعر المريض بشكل متكرّر بالوهن وبشعور بالتعب والإرهاق العام، والتي قد تصاحب أي إنتان جهازي، أخيرًا قد توجد النواسير الداخل والخارج فمويّة بشكل عام في المرحلة المزمنة من التهاب العظم والنقي في المنطقة الفكية الوجهيّة.
غالبًا ما يخضع هؤلاء المرضى لأعمال مخبريّة كجزء من الفحص الأوّلي، في المرحلة الحادّة من التهاب العظم والنقي من الشائع مشاهدة زيادة في عدد الكريّات البيض مع انحراف نحو اليسارleft shift (أي كثرة بالكريات البيضاء غير الناضجة)، الأمر الشائع حدوثه في أيّ إنتان حاد بينما لا تعدّ زيادة عدد الكريّات البيض أمرًا شائعًا في المرحلة المزمنة من التهاب العظم والنقي.
قد يظهر المريض أيضًا ارتفاعًا بمعدّل تثفّل الكريّات الحمر (ESR) والبروتين المتفاعل C (CRP).
يعدّ كلّ من (ESR) و(CRP) مؤشرًا حسّاسًا للغاية للالتهاب في الجسم وهي غير نوعيّة جدًّا وبالتّالي، تستخدم بشكل أساسي لمتابعة التقدّم السريري لالتهاب العظم والنقي.
جميع المرضى تقريبًا سيخضعون لشكل من التصوير الفكّي الوجهي فالصورة البانوراميّة لا مفرّ منها للتقييم الأوّلي لالتهاب العظم والنقي ويمكن الحصول عليها بسهولة في معظم المراكز السنّيّة ويمكن الحصول منها على معلومات قيّمة مثل التغيرات الشعاعية الناتجة عن التهاب العظم والنقي، ومصادر المرض الأساسيّة، والحالات المؤهّبة له كالكسور وأمراض العظم.
فيجب الإبقاء في الذهن أن الصور الشعاعيّة تقع