#مقدمة:

«إننا واثقون بأن المواقع العاملة على غرار موقع غوغل تمارس سلطاناً لا يستطيع الكثير من الأفراد إدراك مداه و تفرض هذه الحقيقة على المسؤولين عن إدارتها وعلى مالكيها و مستخدميها التزامات إضافية»

إيريك شميت Schmidt Eric، غوغل:على الرغم من أن آبل Apple وشل Shell و وول مارت Walmart شركات تعد من كبرى شركات العالم، فإن هذه الشركات العملاقة ينقصها شيء تنفرد به شركة غوغل Google , و هو احتكار عالمي لمصدر مالي تتدفق منه الأرباح بشكل متزايد من عام إلى آخر، و هيمنة تكاد تكون تامة على وسيلة تترسخ أهميتها من يوم إلى آخر.

منذ أمد ليس بالقصير نجحت غوغل في الاستحواذ على حيز مهم في حياتنا اليومية , ففي كل أرجاء المعمورة و في كل ساعات النهارو الليل، يستخدم، بنحو متزامن، ملايين من بني البشر الخدمات المقدمة من قبل شركة غوغل , إنهم يستعينون بهذه الخدمات سواء استخدموا الهاتف المحمول العامل بنظام آندرويد Android ,أو آثروا مشاهدة أشرطة فيديو على موقع يوتيوب YouTube، ففي كلتا الحالتين يستخدم هؤلاء الأفراد منتجات من تصميم و ابتكار شركة غوغل.

بهذا المعنى، لم يعد أحد منا قادراً على الاستغناء عن غوغل في اليوم الراهن، لا الاقتصاد و لا وسائل الإعلام و لا المشتغلون بالمسائل العلمية و السياسية و لا المواطن العادي. #

**غوغل - البيانات هي بترول العصر الحديث**

& منذ أمد ليس بالقصير، لم تعد غوغل محرك بحث فقط , لقد تحولت غوغل، في اليوم الراهن، إلى شركة عملاقة تضم بين جناحيها مئات من الشركات، تتعاون فيما بينها، ويحمي بعضها البعض الآخر من المخاطر الآتية من المنافسين, إنها إمبراطورية، أسهمنا نحن جميعا، في تأسيسها، حين زودناها، طواعيةً، بالكثير من البيانات.

و هكذا، تجمعت لدى غوغل بيانات يندرج بعضها في خانة معلومات شخصية، نحرص كل الحرص على حجبها عن فضولية الآخرين , و لم تجمع شركة غوغل هذه البيانات اعتباطاً، بل من أجل توظيفها في نشاطات تجارية عملاقة.

بيد أن غوغل تستطيع فعل ما هو أكثر من هذا: إنها قادرة على إزاحة الآخرين من حلبة المنافسة، و إملاء إرادتها وفرض تصوراتها على قطاعات اقتصادية بالكامل، و التأثير في الإرادة و اتخاذ القرارات السياسية ,و في الانتخابات العامة مثلاً و ليس حصراً.

و كانت عبارة "evil be Don't" (لا تكن شريراً) هي الشعار، الذي دأبت غوغل على ترديده في الأيام الخوالي, بيد أن هذه الرومانسية، العائدة إلى زمن البدايات الأولى لتأسيس الشركة، صارت في ذمة التاريخ , فعلى وقع الربحية، التي تتجاوز معدلاتها العشرين بالمائة بكثير، باتت شركة غوغل إحدى كبرى شركات العالم من حيث تحقيق الأرباح, في التصنيف الحالي لأكثر شركات العالم قيمةً في الأسواق ,تحتل شركة غوغل المرتبة الثانية، أي المرتبة التالية لمرتبة شركة آبل، و بالتالي، فإن خطوة واحدة نحو الأمام، قد تمكنها من بلوغ القمة.

و سواء تحقق هذا التكهن أم لم يتحقق قط، فإن الأمر الأكيد هو أن غوغل قد خلفت وراءها كوكا كولا و مايكروسوفت Microsoft و آي بي أم (IBM)، أي خلفت وراءها أربع شركات هي من جملة خمس شركات عملاقة , لقد تعين على القطاعات الاقتصادية التقليدية أن تخلي موقعها، و تتنازل عن عرشها, من هنا ، لا بد أن تهبط شركة البترول العملاقة إكسون موبيل Mobil Exxon إلى المرتبة الحادية والأربعين في سلم التصنيف المذكور، فالبيانات و المعلومات أضحت هي «البترول» الذي يحرك عجلة العصر الجديد, و يتبنى خبير الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) جارون لانير Lanier Jaron وجهة النظر هذه، فيؤكد «أن السبب، الذي يزيد بلا انقطاع، من قيمة البيانات الشخصية يعود، من ناحية، إلى أن هذه البيانات تقدم المادة الأولية الضرورية لعمل أنظمة التشغيل الآلي(Systeme automatisierte) ، و من ناحية أخرى إلى أن أنظمة التشغيل الآلي، قد أخذت تكتسب أهميةً متزايدةً في الحياة الاقتصادية.

إن استخدام المادة الأولية، أي «البيانات الشخصية»، في سياق تطبيق أنظمة التشغيل الآلي، يؤدي إلى تحولات اقتصادية وهيكلية ترعب العديد من القطاعات الاقتصادية, و للتدليل على هذا الرعب، يمكننا الاستشهاد بالنقابات الألمانية المدافعة عن أصحاب التاكسيات , و بالفزع المخيم على أصحاب المكاتب التجارية، ففي حين ترى النقابات أن الواجب يحتم عليها حماية أعضائها من مخاطر المنافسة غير العادلة التي تخوضها شركة «أوبر» التابعة لغوغل ,و المتخصصة في تقديم خدمة السائق الخاص حسب الطلب، أخذ أصحاب المكاتب التجارية يشعرون بأن هيمنة الشركتين أمازون وغوغل صارت تهدد وجودهم المهني فعلاً , و ينطبق الأمر على دور النشر و على وسائل الإعلام المطبوعة، فهؤلاء أيضاً يعتقدون أن مستقبل مهنتهم أخذ بغيوم سوداء من جراء استعمال التكنولوجيا الرقمية في مجال المعلومات، و بسبب اتساع دائرة سوق الكتاب الإلكتروني e-Book.

لقد غيرت غوغل، و لاتزال تغير، نمط حياتنا - لاتزال تغيره ليس نحو الأسوأ دائماً- فبالنسبة إلى المستهلكين تتفوق الإيجابيات على السلبيات، تتفوق المنافع على الأضرار، بحسب وجهة النظر التي أعرب عنها، على سبيل المثال، يوستوس هاوكاب Haucap Justus، الاقتصادي الألماني المتخصص في شؤون المنافسة بين الشركات , و المعروف بإعجابه الشديد بإنجازات عمالقة شبكة الويب، فهو يرى أن هذه الشركات تجعل الحياة أيسر و تخفض تكاليف المعيشة مستنتجاً من هذا و ذاك. «أن أداء غوغل ممتاز و أكثر من الممتاز».

إنشاء حساب جديد

قم بتنزيل تطبيق eMufeed Android الآن

 

للاعلان