مجالات التخطيط الحضري حديثاً*:
&إنّ أهم مجال أضيف للتخطيط الحضري هو إدخال عنصر يمكن أن نُطلق عليه شبكة مرافق المدينة ، أي إضافة إلى شبكة طرق المدينة ظهور شبكة المياه والصرف وما تلاهما من شبكات الخدمات ومكتشفات حديثة كالهاتف والكهرباء ووسائل المواصلات التي تطوّرت من عربة الطرق المجرورة بالدواب إلى وسائل المواصلات بمختلف أشكالها الحديثة .&
&وكانت هذه الشبكات العنصر المحدّد للعديد من أسس التخطيط الحضري ، سواءً في الشكل أو النظام أو أسس تحديد سعات أو طاقات هذه الشبكة ، وبذلك تطوّر التخطيط الحضري من عناصر محدودة عُرفت في السابق بشبكة الطرق ومنشآت عامة ومناطق استعمال ونظام تحصين ، باستبدال التحصين الاستراتيجي الحربي (أسوار وحصون وقلاع) بالتحصين الصحي ، بإدخال شبكات المياه وتطوير الصرف الصحي والتوسّع في الخدمات ، سواءً كانت شبكات مرافق أو منشآت عامّة كالمنشآت التعليمية والصحية والترفيهية والخدمية وغيرها ، وذلك لتلبية وخدمة أجسام وعقول جميع السكان وليس لطبقة أو مجموعة أو شريحة منهم ، ولتوفير بيئة حضرية متكاملة لجميع سكّان المدينة .&
&وإذا كان هذا التطوّر الذي أملاه ما جلّ بالمدن من كوارث نتيجة الازدحام وسوء أوضاع العمّال ، أو التطوّر البشري خلال عصور النهضة ، أو الثورات التي استهدفت تحسين أوضاع الطبقات العامّة والدعوة إلى نبذ الطبقية وطرح مثاليات إنسانية مثل مبادئ الثورة الفرنسية ، فإنّ جميعها قد استوجبت تغيراً جوهرياً في مجالات التخطيط الحضري بتعميق احتياجات السكان من سكن وعمل وخدمات ، وتقليل الفوارق بين السكان ، بحيث تقلّص حجم القلعة والقصر وتطوّر الكوخ أو المأوى إلى سكن عائلي مُريح ، فظهرت مُدن الحدائق بدلاً من القصور ، وتكاملت مرافق البيت ، سواءً في محتواه أو مرافقه ، وتطوّر مجال التخطيط الحضري إلى إدخال مُختلف الخدمات التي يحتاج إليها سكّان المدينة ، سواء أكانت في مجال السكن أو العمل أو الشبكات أو الخدمات الاجتماعية أو التسويقية ، أو تطوير بيئتها من حدائق وساحات وتنسيق لشوارعها وشواطئها أو ضفاف لأنهارها ، والتركيز على تطوير مميّزات تختص بموقعها .&
&إذا كان هذا التحوّل في مجالات التخطيط مرتبطاً بنظريّتين آنيّتين ، هما مواجهة الاحتياجات وتسابق في المظهر بين المدن ، فإنّ التحوّل الأساسي في مجال التخطيط الحضري كان نتيجة النمو السكاني وما صاحبه من هجرات من الريف إلى الحضر والتي تتطلّب أن يدخل عنصر جديد في مجال التخطيط الحضري هو عنصر الزمن أو النظرة المستقبليّة للمدينة ، بإضافة موضوع سعتها وليس شكلها فقط .&
&ولا شكّ في أنّ النظرة المستقبلية ارتبطت بإمكانية النمو والتوسّع ، وما يتطلّبه هذا النمو والتوسّع من مساحات وخدمات . ومن هذا المنطلق ، نجد أنّ منهجية التخطيط الحضري أصبحت تنطلق من تحديد الرؤية المستقبلية ، وهذه الرؤية رؤية زمنية ورؤية موضوعيّة ، إذ أنّ التخطيط الحضري شمل البعد الزمني والبعد الوظيفي ، وكلاهما ارتبط بما استجدّ وما يُتوقّع دخوله للمدينة من وسائل وخدمات كان في مقدّمتها دخول القطار ومساره ومحطّاته ، تلاه تطوّر وسائل المواصلات العامّة والتي تطوّرت من عربة الحصان إلى الترام وقطار الأنفاق ، وما أملته السيارة من متطلّبات على نظام وشبكة المدينة كذلك تطوّر السيارة من سيارة نقل فردية إلى سيارة شاحنة وسيارة نقل عامّة وسيارة بجرّار ، وغيرها من وسائل النقل والتحميل الآلي .&
&وعليه ، فإنّ مجال التخطيط الحضري يتضمّن ثلاثة أبعاد أساسية مُتغيّرة ، هي البُعد الزمني والبُعد الوظيفي وبُعد النظرة المستقبلية لما يُتوقّع من تطوّر في نظام المدن بدخول المستجدات التقنية من وسائل وخدمات ، وإذا كان البعدان الأوّلان هما أكثر وضوحاً وتركيزاً في تناول المخطّط لدراسة الموضوع في إطار الموقع المحدّد للتخطيط ، أي البعد المكاني الأساسي .&
**البعد الزمني**:
&إنّ منهجية التخطيط الحضري تستهدف إعداد مخطّط لمدينة ضمن توقّعات مستقبلية لزمن محدّد في المستقبل ، أي بعد فترة 15أو 20 أو 25 سنة ، وإن كانت فترة 20 سنة اعتبرت الزمن المثالي للتخطيط الحضري ، وبالتالي إعداد مخطّط لمدينة يستهدف فترة تخطيطية ، أي يستهدف تحديد حجم ومتطلّبات المدينة مع نهاية تلك الفترة . وعادةً ما تكون مخطّطات تطويرية لتوسّعات مستقبلية لمدن قائمة .&
**البعد الوظيفي أو الموضوعي**:
&يستهدف المخطّط تلبية تطوّر موضوعي ، أي مخطّط لمدينة تُلبّي عملاً وظيفياً حُدّد لها