إن شيدتها، فسوف يأتون إليك:

نجحت جميع محركات البحث الأخرى في كسب كثير من المال من خلال عرض إعلانات ترويج و دعاية تؤثر في المشاعر بقوة بنحو أو آخر، و تتولى بسط هيمنتها على صفحات البدء في الدخول على المواقع المختلفة , بيد أن مؤسسي غوغل كانت تحركهم نزعات اخرى فصفحة البدء الخاصة بغوغل صممت، عن وعي و قصد، بنحو يتصف بالبساطة والاختصار, و أدى هذا التصميم إلى تصعيد سرعة الدخول إلى الموقع , إن الأسلوب التجاري الرخيص لم يكن واردا في تصورات و أساليب برين و بيج في بادئ الأمر, و لا يخطئ المرء أبداً إذا افترض أن مؤسسي غوغل أرادا تقديم أفضل ما هو ممكن لزبائنهم، أي تقديم نتائج بحث غاية في الجودة وبأسرع ما يكون. ظهرت الدعاية ضمن نتائج البحث في حيز ضيق المساحة، و مقصور عليها فقط , و أدى هذا النهج إلى تقوية الإحاطة بالصفحة و إلى تسهيل النقر على فارة الكمبيوتر، فوميض الإعلانات المتكرر الدارج لدى المنافسين، كان يثير الأعصاب، و يستخدم بنحو يتعدى المعقول.

استحسنت شركات الدعاية و أجهزة الإعلام إستراتيجية غوغل: فهي ، خلافاً لوجهات النظر الشائعة، برهنت على أنها تنطوي على نفع كبير وميزة عظيمة للزبائن المهتمين بالإعلانات أيضاً , فالحد من عدد الإعلانات و اتخاذ ما يلزم لأن تظهر هذه الإعلانات بنحو يلفت النظر، يؤدي إلى أن يبرز كل واحد منها بنحو أفضل، و يحفز مستخدمي الموقع للدخول بنحو متزايد على صفحة الإعلان المعنية.

و يعتقد الكثير من النقاد أن أغلب مستخدمي غوغل لا يستطيعون التمييز بين الإعلانات من ناحية و نتائج البحث من ناحية أخرى لم يفهم مانحو رأس المال المغامر حقيقة المنهج المطبق من قبل بيج و برين بيد أن الثنائي القائم على إدارة شؤون شركة غوغل كان يعرف جيداً ما لا يريده مستخدمو الويب: إعلانات مفاجئة على الويب Pop-ups، لاسيما حينما تومض باستمرار ولا تتسم بالوضوح، و تظهر بمظهر نتائج بحث، وتتسبب في عرقلة عمليات التحميل Downloads.

صمم الثنائي المشرف على قيادة غوغل واجهة مستخدم lnterface User بينة المعالم ، سهلة الاستخدام، ومن البساطة بحيث يحيط المستخدم بمكوناتها بيسر و أسبغ خفض مكونات الواجهة إلى أدنى حد ممكن، وبالقدر الذي يناسب حاجات المستخدم، والاكتفاء بما هو جوهري فقط - وهو إلى حد ما تنفيذ المبدأ الذي تقتدي به شركة آبل أيضاً - هالة من الاحترام والتبجيل على محرك البحث المبتكر من بيج وبرين.

وإلى اليوم الحاضر، لاتزال أساليب التصميم والعرض بسيطة ويسيرة، ويستطيع المرء الإحاطة بتفاصيلها بسهولة. وإلى الآن أيضاً، لاتزال صفحة البدء خالية من حشد المصطلحات والموضوعات الكثيرة.

و تماشياً مع هذا التوجه، قرر برين وبيج وقتذاك ألا يزيد الحد الأعلى لعدد مفردات الصفحة على 28 كلمة, وصل امتعاض الشركتين المغامرتين المستثمرتين إلى الذروة حينما نشأ خلاف بين موريتس من جهة و ثنائي غوغل من جهة أخرى.

أصر موريتس على أن ينفذ : ثنائي غوغل تعهده بتعيين مجلس إدارة يتوفر على خبرة طويلة، و إلا فإنه سيسحب رأسمال شركة سيكويا كابيتال من غوغل.

و هكذا لاح في الأفق التحول الآتي في تاريخ غوغل، الشركة التي انتقلت، في أغسطس من العام 1999، إلى مقرها الجديد الكائن في 2400 على طريق بيشور Bayshore في مدينة ماونتن فيو View Mountain , إذ سعى بيج و برين الآن و بتباطؤ ملحوظ إلى العثور على القيادة المطلوب الاستعانة بخبراتها في توجيه غوغل.

" إننا ننقب عن شخصية لها ما لجيف بيزوس من صفات, شخصية تتمتع بالكثير من الذكاء ، شخصية تثير الحماس من حولها, ومن مسلمات الأمور أن لاري أفضل مني، بيد أن جيف أفضل مني ومن لاري, فهو مرح جداً، ويحسن التعامل مع الآخرين." بحسب ما أعرب عنه برين في سياق حديث صحافي مع جون اينس lnce JOhn

و لكن قبل أن يجري اختيار الرئيس التنفيذي الذي تمنت الشركتان كلاينر بيركينز كوفيلد اند بايرز و سيكويا كابيتال رؤيته في مجلس الادارة نشات2000 تحولات مفصلية مكنت غوغل من أن تحرز تقدماً كبيراً , ففي تاريخها الرسمي، أي التاريخ الذي أعدته الشركة ذاتها، يشار (إلى جانب الحصول على جوائز ويبي Awards Webby و بدء العمل بشريط أدوات غوغل) إلى ثلاثة أمور في المقام الأول:

  • لقد أصبح محرك البحث يصلح للاستخدام بخمس عشرة لغة.
  • عقدت شركة ياهو تحالفاً مع غوغل.
  • بدأ منتج غوغل الرئيس للإعلانات، المسمى آدووردز AdWords، عمله بزبائن بلغ عددهم 350 زبوناً.

وبفضل تعدد لغات الموقع، نجحت غوغل في غزو أسواق أخرى، وفي تحقيق زيادة كبيرة في انتشارها عالمياً ,على صعيد آخر، أسفر التحالف مع شركة ياهو ، عن تحول هذه الشركة من منافس إلى زبون يستخدم محرك البحث العائد إلى غوغل في التنقل (الملاحة، -Web Navigation) على شبكة الإنترنت.

غير أن الخطوة الأهم كانت، في الواقع، الشروع بنحو نهائي، في استخدام محرك البحث للأغراض التجارية, فمن خلال منتج غوغل للإعلانات (آدووردز،AdWords)، نفذ برين وبيج، أخيراً، الجزء الأكبر من المهمات التي طالبت بتنفيذها شركتا رأس المال المغامر , بيد أن أسلوب تسويق الإعلانات كان، في بادئ الأمر، من مخلفات الاقتصاد التقليدي القديم old-economy فعلا , فمن خلال فريق عمل مكلف في غوغل بتسويق الإعلانات، كان في مقدور الزبائن حجز المواضع والمصطلحات اللائقة بهم والكفيلة، بنحو أو آخر، بإعلاء شأن شركاتهم وإظهارها كمؤسسات مرموقة ,من ناحية أخرى، كان أصحاب الإعلانات يتسلمون، عبر جهاز الفاكس، الإشعارات التي تؤكد لهم حجز الحيز الذي اختاروه , كما درج المسؤولون عن تسويق الإعلانات في غوغل على استضافة أصحاب الشأن من زبائنهم في مطاعم فاخرة.

لمس رئيس الفريق العامل في نيويورك، تيم آرمسترونغ، من كثب السلوك المزدوج الذي تنتهجه قيادة غوغل عندما يتعلق الأمر بمسائل التسويق: «فقد جرت العادة، في مجمل قطاع الدعاية والإعلان، على تأكيد تسلم طلبيات نشر الإعلانات من خلال جهاز الفاكس.

بيد أن الأمر لم يكن على هذا النحو في غوغل، فحينما أراد آرمسترونغ الحصول على جهاز فاكس، اتصل به جورج صلاح هاتفياً - بصفته الطرف المسؤول عن تجهيز الشركة بالآلات والمعدات - ليخبره أن لاري وسيرغي يسألان عن سبب الحاجة إلى جهاز الفاكس , و كان رد آرمسترونغ هو أن السبب يعود إلى ضرورة تأكيد تسلم الطلبيات الخاصة بالإعلانات , و لم يدم الأمر طويلاً، حتى اتصل به لاري وسيرغي هاتفياً، ليستفهما منه عما إذا كانت الطلبيات تبرر تحمل تكاليف جهاز من هذا القبيل , من الواضح أن هذا التصرف عكس، وقتذاك، خليطاً من البخل و الجهل بطبيعة العمل التجاري ,و ينطبق الأمر ذاته على بث الدعاية لغوغل نفسها, فهنا أيضاً كان بيج وبرين غاية في التقتير:

رأى مانحو رأس المال المغامر أن الحل الأفضل هو أن تنفذ غوغل بضعة إجراءات تسويقية، تحفز عدداً أكبر من الأفراد لاستخدام محرك البحث، وتساهم في إعلاء اسم غوغل،

إنشاء حساب جديد

قم بتنزيل تطبيق eMufeed Android الآن