فزيولوجيا الشد الرطوبي ج2 Stress Physiology
استجابة النبات للشد Plant Responses to Stress
تستجيب النباتات للشد الواقع عليها بطرق عديدة، فبعض النباتات ربما تتهرب من تأثير الشد من خلال إكمال دورة نموها خلال فترة عدم وجود الشد أو تأثيراته القليلة أو أنها قد تعاني بعض الضرر من تأثيراته ولامجال لها إلا أن تعيش بوجوده من خلال تجنبه أو مقاومته، فيقال أنها متحملة للشد، فتعطي بعض الخسارة أو الإختزال في النمو بصورة ليست جوهرية، فتتكيف معه نسبياً بمرور الزمن. إن أحد الامثلة الواقعية والملموسة هو اختلاف إنتاجية النبات أو مساحة محددة مزروع بنفس الصنف من سنة لأخرى، فيعتقد البعض أن هذا الإختلاف بسبب ظرف بيئي معين، في الوقت الذي يفسره المختصون بأن الإختلاف في الإنتاجية لنفس التركيب الوراثي (الصنف) إنما هو حصيلة تداخل وتفاعل العوامل المؤثرة والمختلفة في نمو وفعاليات النبات الحياتية، أي بتعبير آخر فزيولوجية النبات المتأثرة بفزيولوجية الشد الحاصل خلال دورة نمو النبات. فإذا كان الشد متوسطاً ولفترة قصيرة، فربما يكون الضرر مؤقتاً فيستعيد النبات وضعه الطبيعي بزوال الشد. أما إذا كان الشد الحاصل بدرجة كبيرة، فربما لايحصل استمرار النمو الخضري أو التزهير مثلاً وبالتالي لاتتشكل البذور وفي النهاية لايمكن استمرار وبقاء النبات. ومثلما أسلفنا حول تهرب بعض النباتات من تأثير الشد بكافة أشكاله مثل الشد سريع الزوال ephemeral أو الشد لفترة قصيرة short lived أو نباتات الصحاري desert plants.
على سبيل المثال لا الحصر، عندما يحدث شد الجفاف بسبب نقص في مستوى رطوبة التربة أو أي حالة من حالات الإجهاد المائي، هناك أنواع من النباتات التي توصف بأنها سريعة الزوال ephemeral plants وهي تلك النباتات التي تنبت بذورها وتنمو وتزهر بسرعة كبيرة بعد موسم الأمطار، وعليه فإنها تكمل دورة حياتها خلال مرحلة كفاية الرطوبة فتكون البذور التي تدخل في مرحلة السكون قبل حلول موسم الجفاف. وبالمقابل، فإن العديد من النباتات الحولية القطبية تكمل دورة حياتها سريعاً خلال موسم الصيف القطبي القصير وتبقى طيلة فترة الشتاء بهيئة بذور ساكنة. وبالتالي فإن مثل هذه النباتات التي لا تمر بشد الجفاف أو انخفاض درجات الحرارة تعرف على أنها نباتات متهربة من ظروف الشد. بخلاف ذلك، فإن هناك الكثير من النباتات التي تقاوم ظروف الشد سواء كان ذلك بتجنب الشد أو تحمله. فآليات تجنب الشد تقلل تأثيره على النبات برغم وجود تأثيره في البيئة التي يعيش فيها النبات. هناك عدة آليات تسلكها النباتات المقاومة للإجهاد المائي ومنها:
أ) النباتات التي تتهرب من شد الجفاف، فيكون نموها في فترة قصيرة، وغالباً ما تكون في فترة سقوط الأمطار وتوفر كافٍ لماء التربة الجاهز.
ب) النباتات المتجنبة لفقد الماء، وهذا يأتي من خلال المحافظة على جهد ماء عالٍ في الورقة أو باستخلاص ماء أكثر من التربة أو تسخير ماء التربة الجاهز بصورة بطيئة في المراحل المبكرة من عمر النبات أو الجفاف.
ت) النباتات المتحملة لفقد الماء، إذ تستطيع هذه الأنواع من النباتات المحافظة على الاستمرار بالتمثيل الضوئي، وإن كان الجهد المائي للأوراق منخفضاً.
فنباتات البرسيم alfalfa على سبيل المثال تتصف بقابليتها على البقاء في ظروف الجفاف من خلال قدرتها على ارسال جذورها إلى أعماق كبيرة لتصل إلى الماء الأرضي، فتزداد نسبة الجذر إلى الساق، وبالتالي تضمن وجود ماء كافي لاكمال دورة حياتها برغم ظروف الجفاف، في الوقت الذي تعاني النباتات ذات الجذور السطحية العمق من مخاطر الجفاف. وفي بعض النباتات المتحملة للجفاف، حيث تقوم جذورها النامية في التربة الجافة بزيادة انتاج سائل هلامي لزج حول الجذور (في منطقة الرايزوسفير) فتتكون حلقات من دقائق التربة تلتصق بصورة خفيفة بالجذور فترتبط الكيتونات نتيجة طبيعة السائل الهلامي الببتيدية اللزجة، ويقل نفوذها وبالتالي تتم المحافظة على إيصال الماء بين التربة والجذر (Drew, 1978). هناك نباتات أخرى لها أوراق سميكة تخزن الماء وبوجود طبقة من الكيوتكل السميك أو وجود الزغب والتي تقلل جميعاً من التبخر أو أنها تؤدي إلى تحويرات تساعد في الإحتفاظ بالماء أو أنها تقلل من فقد الماء. في بعض النباتات الصبارية يحصل تمثيل ضوئي عالي بوساطة السيقان السميكة. في الوقت الذي تحورت فيه الأوراق إلى أشواك كأسلوب دفاعي لتجنب الجفاف. من ذلك يفهم بأن أغلب حالات تجنب الضرر الشديد الناجم عن الجفاف هي في الحقيقة ناجمة عن إجراء تعديلات أو تحويرات مختلفة.