**النقرس**

& أمضى ميشيل موستاكاكي، وهو رجل عمره 43 عاماً، يوميه الأخيرين مضطجعاً على أريكته يعاني من آلام مبرحة لا ترق ولا تلين في إبهام قدمه اليسرى. عندما بدأت بوادر المرض لديه، ظن ميشيل أن المسألة لا تعدو كونها التواء في المفصل، أو ربما بدايات التهاب مفصلي، لكن آلامه استفحلت و احمر إبهام قدمه وزادت حرارته على نحو مريب.

عندها، لم يطق ميشيل صبراً، فهرع إلى عيادة طبيبه، وقد انتابه شعور بالسخف ظاناً أن مشكلته لا تستحق كل هذا العناء.

وبعد سماع قصته السريرية و النظر إلى إبهام قدمه، بدا الطبيب متأكداً من التشخيص، وعارفاً بدقة الاضطراب الذي يعاني منه ميشيل.

نظر الطبيب غارسيا إلى ميشيل قائلا: "يبدو أنك تعاني من مرض النقرس". والنقرس مرض استقلابي يتميز بارتفاع تركيز حمض البول في دم المريض .

وإذا ما ارتفع تركيز حمض البول في الدم إلى حدود 7,5 - 8 مغ/دل فإن اليوريات أحادية الصوديوم (ureate monosodium) تترسب من السوائل الحاوية عليها و تشكل بلورات تتوضع في المفاصل الطرفية، لا سيما في مفاصل القدم والكاحل والركبة.

و تحرض هذه البلورات بتواجدها تفاعلات التهابية، مسببة نوبات من ألم مبرح لا يحتمل.

تعد بلورات حمض البول في أماكن أخرى كالكلية مثلا مسؤولة عن تشكيل الحصيات الكلوية في حويضة الكلية. و تعد جزيئة حمض البول، التي تتسبب في حدوث مرض النقرس، المنتج الطبيعي لاستقلاب مركب البورين (Purine). قد يترافق زيادة معدل إنتاج حمض البول في الجسم مع تحطم خلايا وأنسجة الجسم، أو قد يحدث كنتيجة لاضطراب وراثي ينجم عنه خلل أو غياب في عمل أحد الإنزيمات.

يوريات المصورة الدموية والتي تمثل الشكل الشاردي لحمض البول هي من صواعد المصورة الدموية ( acid uric of form anionic),وهي ترشح بحرية عبر الغشاء الكبيبي المركب في نفرونات الكلية ولكنها تخضع لإعادة امتصاص كاملة تقريباً باتجاه الدم في الثلث الأول من النبيبات القريبة لنبيبات الكلية.

في الجزء المتوسط من النبيبات المعوجة القريبة يحدث إعادة إفراز لنصف الكمية التي امتصت سابقاً. أما في الجزء الأخير من النبيب المعوج القريب، فيحدث إعادة امتصاص كافية لجزء من اليوريات، و بالتالي فإن المحصلة العامة هي إطراح جزء من اليوريات إلى لمعة النبيب المعوج القريب .

شعر ميشيل بشيء من الدهشة وحدث نفسه قائلاً:

أيعقل أن مشكلة استقلابية يمكن أن تقود إلى ذلك الألم المبرح في إبهام قدمه؟ و لكنه اكتفى بطرح السؤال التالي على طبيبه: "كيف نعالج النقرس؟".

شرح له الطبيب غارسيا قائلاً: "تتضمن المعالجة إعطاء عقاقير مضادة للالتهاب، وشرب كميات كبيرة من الماء، وتجنب تعاطي الكحول الذي يحفز ظهور نوبات آلام النقرس".

وبالإضافة إلى ذلك أرى أن أخضعك للعلاج بعقاقير دوائية من زمرة (uricosuric) مثل عقار (probenecid) الذي يعزز معدل الاطراح الكلوي لليوريات.

وعندما نزيد من معدل إطراح اليوريات عبر الكليتين، فإننا بذلك نخفض من تركيز حمض البول في دمك وبالتالي لا تعاني منها، و تبدأ طريقك نحو الشفاء.

وافق ميشيل على الفور على خطة طبيبه للعلاج. بعد ثلاث أسابيع من العلاج، عاد ميشيل إلى عيادة الطبيب غارسيا.

مضادات الالتهاب التي عولج بها وكذلك عقار (probenecid) أوقفت بشكل تام الآلام التي كان يعاني منها ميشيل في إبهام قدمه .و لكنه في الليلة الفائتة أسعف إلى المستشفى لنوبات مؤلمة من حصيات كلوية.

طمأنه الطبيب غارسيا قائلا: "حسنا سنضطر لانتظار وصول نتائج التحاليل التي طلبناها، لكني أعتقد أن حصاة الكلية ناتجة عن حمض البول هل التزمت بشرب كميات كبيرة من الماء كما أشرت عليك سابقا؟"

اعترف ميشيل بخجل شديد، إنه لم يتقصد تجاهل تعليمات الطبيب ولكن انغماسه في عمله لم يتح له شرب كميات كبيرة من الماء.

ألح عليه الطبيب غارسيا: "عليك أن تشرب كميات كبيرة من الماء يومياً بحيث لا يقل حصيلك البولي في اليوم عن ثلاثة ألتار، و ذلك طالما أنك تتعاطى الأدوية".

تابع الطبيب مهدداً "وإذا لم تلتزم بذلك فقد تتراكم حصيات أخرى من حمض البول في كليتيك".

تذكر ميشيل كم كانت تلك الآلام التي عانى منها جراء الحصيات الكلوية مبرحة ثم وعد بأن يلتزم باتباع تعليمات الطبيب بحذافيرها دون تردد. &

**أسئلة حول الحالة السريرية السابقة**

& السؤال الأول: تعقب الطريق التي تسلكها الحصيات الكلوية لكي يتم إطراحها خارج الجسم.

الاجابة: الحصيات الكلوية تتشكل غالباً في حويضة الكلية. ولكي يتم إطراح هذه الحصيات يجب أن تمر هذه الحصيات من الحويضة إلى الحالب، ومنه إلى المثانة، ومن ثم إلى الإحليل (المبال)، وأخيراً مع البول إلى خارج الجسم.

السؤال الثاني: سم الصاعدة (anion) التي تتشكل عن تشرد حمض البول.

الإجابة: اللاحقة الإنكليزية (ate) تستخدم لتحديد هوية صواعد الحموض العضوية. ولذلك فإن الصاعدة المتشكلة جراء تشرد حمض البول هي اليوريات (ureate).

السؤال الثالث: لأي مجموعة من مجموعات الجزيئات البيولوجية (biomolecules) تتبع جزيئات البورين purine ؟ اعتمد على الجواب في شرح ظاهرة ارتفاع تركيز حمض البول في الدم. نتيجة زيادة معدل هلاك الخلايا وتهدمها.

الاجابة: تتضمن البورينات (purine) الأدنين و الغوانين اللذان يشكلان جزءاً مهماً من الدنا DNA والرنا RNA. كما أن مركب الـ (ATP) يعد أيضا من البورينات.

وعندما تموت الخلايا وتتحلل فإن الدنا والرنا سيزيد من تركيز حمض البول في الدم.

السؤال الرابع: ما هي الآليات التي تقود إلى فرط تركيز حمض البول في الدم؟

الإجابة: يحدث فرط تركيز حمض البول في الدم كنتيجة لاضطراب في توازن كتلة الجسم. وحمض البول منتج استقلابي لليوريات. و شوارد اليوريا ترشح بسهولة عبر الغشاء الكبيبي المركب .

ويطرأ عليها إعادة امتصاص في أجزاء من الأنبوب المعوج القريب، و إفراز في أجزاء أخرى من النبيب الكلوي. والمحصلة العامة لكل ذلك هي إطراح كمية من المرتشح الكبيبي من هذه اليوريات.

وبالتالي فإن ارتفاع تركيز حمض البول في الدم ينجم عن إحدى الآليتين:

- الأولى: زيادة إنتاج حمض البول بنتيجة زيادة معدل تخرب الخلايا.

-الثانية: إخفاق الكليتين في طرح حمض البول من الكليتين مع البول.

السؤال الخامس: هل من الممكن أن يكون الحامل البروتيني المسؤول عن إعادة امتصاص اليوريا عبر النبيب الكلوي هو نفسه المسؤول عن إفراز اليوريات إلى الرشاحة الكبيبية؟

إنشاء حساب جديد

قم بتنزيل تطبيق eMufeed Android الآن