&إن زيادة الطلب على الطاقة في العالم ولا سيما النفط والغاز استوجب توسيع دائرة البحث عن هذه المواد المهمة لسد متطلبات الحياة والصناعة حيث يعتبر النفط والغاز العصب الرئيسي للصناعات العصرية بمختلف فروعها ولما يتمتع به النفط والغاز من تأثير على تطور الاقتصاد الوطني ورفع المستوى المادي والحضاري للإنسان المعاصر .
فقد عرف الإنسان البترول منذ حوالي 5000 سنة حين ظهر على سطح الأرض في بعض مناطق الشرق الأوسط على شكل رشح خلال طبقات الصخور المسامية فاستخدمه في الإضاءة والعزل وبعض الاستخدامات العلاجية الأولية .
استخراج البترول من على اليابسة بأسلوب صناعي منظم لم يبدأ إلا عام 1901 بعد بناء أول برج حفر نظامي في ولاية تكساس جنوب الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ هذا التاريخ استمر إنتاج البترول من على اليابسة يتزايد. وقد أدى التنوع الكبير في المنتجات البترولية والاستخدام الواسع لها في شتى مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات إلى زيادة الطلب عليه حيث يمثل البترول والغاز حالياً نحو 60% من موارد الطاقة في العالم (ارتفعت هذه النسبة إلى 65% بنهاية عام 2010) مما أدى إلى اتجاه العالم إلى البحث عن البترول في البحر ولكن في حدود المناطق الضحلة نسبياً حتى عمق حوالي 100 متر فقط. ومع الزيادة المطردة في استهلاك الوقود إبان وبعد الحرب العالمية الثانية حدث ارتفاع ضخم في استهلاك البترول لتوفير الطاقة المطلوبة ؛ الأمر الذي انعكس على تطور تقنيات المسح الجيوفيزيائي وتكنولوجيا الحفر والإنتاج للحقول البحرية فامتدت أعمال استكشاف واستثمار المكامن البحرية إلى أعماق كبيرة تتعدى ألفي متر . لقد بدأ الاستكشاف والانتاج من المناطق الضحلة عن طريق استخدام تقنيات الحفر الموجه والتي تمكننا من تجاوز العديد من العقبات الطبيعية للوصول إلى المكامن الشاطئية ، إلا أن هناك حدوداً لتطبيق تلك التقنية.
إن أولى المنشآت البحرية كانت عبارة عن رصيف بحري صنعي وتم بناء أول منصة لاستكشاف واستخراج البترول في خليج المكسيك في عمق لا يتجاوز خمسة أمتار فقط وعلى مسافة غير كبيرة عن الشاطئ وكانت مصنوعة من الخشب إلا أن هذه المنصة دمرت بالكامل بفعل إعصار سنة 1938 فاتجه التفكير إلى استخدام الصلب في التصميم ، وتم بناء أول منصة معدنية في البحر لاستكشاف البترول ثم استخراجه سنة 1947 بخليج المكسيك . ولما كانت هذه الأنشطة تتم في البحر فقد اضطر الرواد في هذه الصناعة إلى الاستعانة بدعم بحري لتنفيذ أنشطتهم لنقل الأفراد والوقود والمياه ومعدات الحفر والإنتاج إلى مواقع العمل، وفي البداية استخدموا قوارب الصيد كما استعانوا بالسفن البحرية التي خرجت من الخدمة ، إلا أن إمكانياتها لم تواكب متطلبات الصناعة فبدأ المجتهدون في تصميم وبناء وحدات بحرية متخصصة لهذه الصناعة إلى أن وصلنا لتصميمات غاية في التعقيد ، ولا سيما بالنسبة للحفر في المياه العميقة حيث يتطلب الأمر الاعتماد على منصات عائمة.