مقدمة - آثار تغير المناخ على نظم الأغذية والزراعة*
& تعتبر المحاصيل والثروة الحيوانية والموارد الطبيعة عرضة لآثار تغير المناح . وإن ضمان استدامة الإنتاج الزراعي والنظم الغذائية أمر أساسي لتحقيق أهداف متعددة بما في ذلك أهداف المناخ الوطنية والعالمية للحد من مخاطر الكوارث . &
& ويمثّل التحوّل إلى الزراعة المستدامة تحدياً رئيسياً، حيث ينبغي إجراء التغييرات على منوال لا يعرّض للخطر قدرة قطاعات زراعة (المحاصيل ، الثروة الحيوانية ، مصايد الأسماك والغابات) على تلبية احتياجات العالم من الأغذية . ويتوقّع أن يزداد الطلب العالمي على الأغذية في عام 2050 بنسبة 60 في المائة على الأقل فوق مستويات عام 2006 ، وإن حوالي 80 في المائة من الزيادة المطلوبة يجب أن يتأتى من غلاّت أكبر و 10 في المائة من زيادات في عدد مواسم زراعة المحاصيل سنوياً Bruinsma and Alexandratos, 2012)) غير أن كلاً من التدهور الواسع للأراضي وندرة المياه المتزايدة يحدّ من إمكانية زيادة الغلات . &
& وبما أن الزراعة توفّر أيضاً سبل العيش لثلثي السكان الأشد فقراً في العالم تقريباً، أو حوالي 750 مليون شخص، فإن تأثيرات تغير المناخ على الزراعة تؤثر مباشرةً على السكان الريفيين الضعفاء أصلاً ، وتنطوي على تداعيات بعيدة المدى بالنسبة إلى أمنهم الغذائي . وإن لم تبذل جهود أكبر للحدّ من الفقر وللانتقال إلى زراعة منتجة ومستدامة على حد السواء ، سوف يجد العديد من البلدان المنخفضة الدخل صعوبةً في ضمان الحصول على كميات كافية من الأغذية لجميع سكانها.بفعل نمو السكان وارتفاع المستهلكين ، وكذلك جرّاء التوسّع الحضري السريع ، وفي الوقت عينه ، تفضي الجهود التي تبذلها قطاعات الزراعة للمساهمة في عالم خالٍ من الكربون إلى طلبات متنافسة على المياه والأراضي المستخدمة لإنتاج الأغذية والطاقة، وإلى مبادرات لصون الغابات تسهم في تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، إنما تحدّ من توفّر الأراضي من أجل إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية . &
& يزداد حجم تحدي التكيّف مع تغير المناخ مع الوقت في حال لم نتصرّف حالاً لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع حرارة الأرض . وينبغي خفض الانبعاثات بشكل حاد بهدف إبقاء تغيّر المناخ تحت السيطرة وضمان عدم زيادة الحرارة العالمية بأكثر من 1,5 درجة أو درجتين مئويتين، مقارنةً مع مستويات المرحلة ما قبل الصناعية . ويمثّل ذلك مسؤولية عالمية ويتطلّب من جميع القطاعات الاقتصادية التحوّل إلى كثافة متدنية الانبعاثات . وتقع على عاتق الزراعة، وقطاع الأغذية ككل، مسؤولية هامة في التخفيف من وطأة تغيّ المناخ. ويسهم كلّ من الزراعة والغابات وتغيّ استخدام الأراضي في حوالي خمس الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري. وتعزى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الزراعة ، في المقام الأوّل، إلى خسائر المواد العضوية الموجودة فوق الأرضوفي باطنها ، من خلال التغييرات في استخدام الأراضي، من قبيل تحويل الغابات إلى مراعٍ أو أراضٍ لإنتاج المحاصيل ، وتدهور الأراضي مثل ما هو ناجم عن الرعي المفرط . &
وإن القسم الأكبر من الانبعاثات المباشرة للميثان وأكسيد النيتروز ، وهما غازان قويان من غازات الاحتباس الحراري ، يتأتى عن التخمر المعوي لدى الماشية وإنتاج الأرز في الحقول المغمورة بالمياه ، واستخدام الأسمدة والمخصبات النتروجينية، وهي كلّها أمور يمكن خفضها من خلال ممارسات إدارة أفضل . وتزداد حصة نظام الأغذية ككلّ في إجمالي الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري - حيث تولّد انبعاثات إضافية بفعل تصنيع المواد الكيميائية الزراعية ، واستخدام الطاقة الأحفورية في عمليات المزارع، وفي مراحل النقل والتجهيز والبيع بالتجزئة التي تلي عملية الإنتاج . &
& وينبغي أيضاً أن يشرك هذا التحوّل الملايين من منتجي الأغذية في جهود التكيّف مع آثار تغيّر المناخ المستشعرة أصلاً في القطاعات الزراعية ، لا سيّما في المناطق الاستوائية حيث يعيش أكثر السكان فقراً وعرضة لانعدام الأمن الغذائي . كما يتوجّب أن يقلب مسار التدهور الواسع النطاق لقاعدة الموارد الطبيعية الزراعية من التربة إلى الغابات فمصايد الأسماك الذي يهدّد استدامة إنتاج الأغذية بحدّ ذاتها . &
**الموارد الطبيعية في ظل تغير المناخ**
& يؤثر تغير المناخ على الإنتاج الزراعي والنظم الغذائية من خلال التحولات التدريجية، مثل درجات الحرارة المرتفعة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتوغل المياه الساحلية وزيادة الملوحة، من خلال زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية وكذلك من خلال التغيرات في شدة هطول الأمطار وتواترها وأنماطها . &
& ويتسم إنتاج المحاصيل بالحساسية الشديدة بالنسبة للمناخ ويؤثر تغير المناخ على الغلة وجودة وتنوع العديد من أنواع المحاصيل في مناطق مختلفة. وتتأثر إنتاجية الثروة الحيوانية سلباً بتغير المناخ من خلال التأثيرات على التنوع البيولوجي للحيوان وصحته وتكاثره . ويؤثر تغير المناخ أيضاً على تكوين غلة محاصيل الأعلاف وتوافرها وجودتها وإنتاجها . &
& وعلاوة على ذلك ، فإن تغير المناخ يغير توزيع وانتشار وتواتر وشدة الآفات والأمراض التي تصيب المحاصيل والحيوانات . ومن المرجح أن تلاحظ بعض التأثيرات الأكثر مأساوية لتغير المناخ على آفات وأمراض الحيوانات بين المفصليات، مثل البعوض، والذباب العضاض، والقراد، والبراغيث، وذباب الرمل، التي تشكل ناقلات هامة لأمراض الماشية والأمراض البشرية. ومع التغيرات في درجات الحرارة ومستويات الرطوبة، فإن مجموعات هذه الآفات قد توسع نطاقها الجغرافي ، وتعرض الحيوانات والبشر للأمراض التي لا يوجد لديهم مناعة طبيعية ضدها . وسيؤثر تغير المناخ أيضا على آفات المحاصيل والأمراض من خلال التغيرات في معدلات البقاء ، ومعدلات النمو والتكاثر الأعلى وأنماط الهجرة المعدلة ، مما يؤدي إلى زيادة ضغط الآفات والأمراض على المحاصيل. &
& وإن الضرر الذي يلحق بالموارد الطبيعية واستنزافها بسبب تغير المناخ يقوض خدمات النظام الإيكولوجي التي يعتمد عليها الإنتاج الزراعي. وتعتبر التربة مورداً رئيسياً في بيئات الإنتاج الطبيعي للمحاصيل والأعلاف ، وهي معرضة لخطر التآكل بسبب الزيادات المتوقعة في الجفاف والفيضانات . وبالمثل، من المحتمل أن تواجه العديد من المناطق تغيرات في توافر المياه ستؤثر على الإنتاج الزراعي . &
**آثار تغير المناخ على سلامة الأغذية**
& يؤثر تغير المناخ على نظم إنتاج الأغذية وسلاسل الإمداد، مع العديد من الآثار المباشرة وغير المباشرة على سلامة الأغذية وقد يؤدي إلى تغيرات في نمط وانتشار مخاطر سلامة الأغذية ، مما يؤدي إلى زيادة الرقابة لتمكين التكيف الفعال لضوابط سلامة الأغذية في المراحل المناسبة من السلسلة الغذائية. وتزيد فترات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة من خطر نمو الفطريات وتلوث السلع الغذائية الأساسية، كما هو واضح في حالة السموم الفطرية للحبوب . ولا يزال التعرض لهذه الأيضات الفطرية السامة من خلال استهلاك الأغذية الملوثة يشكل مصدر قلق رئيسي للصحة العامة على مستوى العالم ، الأمر الذي يزيد من تفاقمه بسب المناخ&
& وعلاوة على ذلك ، قد تؤدي التغيرات في أنماط الأمراض النباتية والحيوانية إلى الإفراط في أو إساءة استخدام المواد الكيميائية الزراعية، التي قد تؤدي إلى مستويات غير آمنة من مخلفات مبيدات الآفات و مخلفات الأدوية البيطرية في الأغذية . &
& وتشير بعض الدراسات إلى أن الجودة التغذوية للمحاصيل الغذائية الرئيسية قد تتأثر بفعل تغيّ المناخ. وأشارت تقديرات دراسة أجراها Myers وآخرون (2014) إلى أن حبوب القمح، عندما تزرع في ظلّ مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون المتوقعة بحلول عام 2050 ، تحتوي على نسبة 9 في المائة أقل من الزنك، و 5 في المائة أقل من الحديد، و 6 في المائة أقل من البروتينات، في حين تبلغ خسائر الأرز 3 و 5 و 8 في المائة على التوالي، مقارنةً بالغلاّت المتوقعة في حال عدم حدوث تغيّ في المناخ. &
& وقد تعاني الذرة من خسائر مماثلة في المغذيات، في حين لن يخسر فول الصويا البروتينات إنما قد يحتوي على كمية أقل من الزنك والحديد. وقد تتعرض سلامة الأغذية للخطر بفعل زيادة في العوامل الممرضة