تأثير الشد المائي على التمثيل الضوئي
يؤثر الإجهاد المائي بشكل كبير في عملية التمثيل الغذائي للنبات، حيث يؤثر سلباً على نمو النبات وبدرجة كبيرة على النظم البيئية الزراعية، وينعكس ذلك في النهاية على المجتمعات البشرية. يوجد خلاف حول الآليات التي يتم من خلالها التأثير على التمثيل الضوئي وامتصاص ثاني أكسيد الكربون CO2. وقد أكدت الكثير من الأبحاث تأثير الإجهاد المائي على مختلف تفاعلات عملية التركيب الضوئي (Oosterhuis et Walker.,1987). وبصفة عامة يرى الباحثون أن ذلك يتم بطريقتين:
- إما بإرتفاع المقاومة الثغرية، مما يحد انتشار غاز CO2 إلى داخل الأوراق ومنه انخفاض معدل التركيب الضوئي.
- أو بالتأثير على تفاعلات الإستقلاب في مستوى الخلية وعضياتها المسؤولة على ذلك.
حيث تعمل الخـلايا الثغـرية وغيرها في حالـة الإجهاد المائي على تخفيـض معـدل التركيـب الضوئي، وذلك بغلق الثغور وبتقليـص المساحة الورقية والتقليل من فقدان الماء مما يـؤدي إلى تخفيض المردود الزراعي (Wang et al.,1992). كما أن الإجهاد المائي الشديد يؤثر مباشرة على عمل الأتظمـة اليخضورية الضوئيـة ويؤدي إلى خفض محتوى الأوراق من الأصبغة اليخضورية (Holaday et al.,1992). وهنا نعرض كمثال لذلك، في أوراق عباد الشمس (Helianthus annuus L.)، حيث يقلل الإجهاد المائي من امتصاص ثاني أكسيد الكربون أكثر مما يبطئ طرح الأكسجين، وهذه التأثيرات لا تتضح بحال التراكيز العالية من ثاني أكسيد الكربون.
كما أن ظروف الإجهاد تقلل من كمية أدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP وثنائي فوسفات الريبولوز Ribulose Biphosphate الموجودة في الأوراق، ويرتبط ذلك نتيجة لانخفاض امتصاص ثاني أكسيد الكربون. في المقابل، لا تؤثر تلك العوامل بكمية ونشاط أنزيم الكربوكسيلاز (Ribisco)، وأكد ذلك الدراسات أن انخفاض التمثيل الضوئي لثاني أكسيد الكربون في الأوراق المتعرضة للإجهاد لا يقتصر على انخفاض انتشار ثاني أكسيد الكربون لداخل الورقة، بل يعمل أيضاً على تثبيط تخليق ثنائي فوسفات الريبولوز Ribulose Biphosphate، المرتبط بانخفاض محتوى ATP الناتج عن فقدان الأنزيم المحفز لربط جزيئات ATP (ATP synthase).
وعندما تمتص جذور النبات كمية أقل من المياه مما هو متبخر من خلال الأوراق عن طريق النتح، تتعرض عندها للإجهاد المائي وينخفض محتوى الماء النسبي (RWC) في النبات وتنكمش الخلايا النباتية. في المقابل، يرتفع تركيز الأيونات والمواد الذائبة الأخرى داخل الخلايا، وبالتالي ينخفض الجهد الأسموزي. تنغلق المسامات الموجودة على سطح الورقة تدريجياً، مما يقلل من النتح كرد فعل للجهد المائي الحاصل داخل النبات، وينخفض أيضاً معدل التمثيل الضوئي لثاني أكسيد الكربون، وغالباً يتبع ذلك للتغيرات الفيزيولوجية السابقة. ومع ذلك، يعتبر انخفاض تمثيل CO2 ضمن تفاعلات التركيب الضوئي ناتجاً أيضاً عن تثبيط في دورة اختزال الكربون (دورة كالفين).
وعلى الرغم من عدم الجزم بشأن العمليات الكيميائية الحيوية في ظروف الإجهاد المائي. تم تقييم العلاقة بين معدل امتصاص ثاني أكسيد الكربون في أوراق نبات عباد الشمس وتركيز CO2 داخل النسج البرانشيمية للأوراق (الميزوفيل) عند ظروف إجهاد مائي مختلفة (شكل 1) (حيث A :تمثل معدل امتصاص ثاني أكسيد الكربون، Ci : تمثل تركيز CO2 في ميزوفيل الخلية الورقية). والتي تبين التأثير الواضح للشد الرطوبي على معدل التمثيل الضوئي وتركيز CO2 في الأنسجة الورقية.
شكل 1: تمثل العلاقة بين معدل امتصاص ثاني أكسيد الكربون، Ci ومعدل تمثيل CO2 في ميزوفيل الخلية الورقية.
أكدت الأبحاث التي جرت على الخلايا الورقية المتعرضة لظروف الإجهاد وبعد تحديد بعض المؤشرات الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي (على سبيل المثال، ثنائي فوسفات الريبولوز ribulose biphosphate (RuBP)، وأنزيم الروبيسكو من دورة كالفن)، وجد أن لانخفاض تشكل مركبات ATP دور في الإنخفاض الحاصل في معدل RuBP ومعدل امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
يتم تخليق الأكسجين O2بسبب التقاط الفوتونات الضوئية للإلكترون الناتج من تشرد جزيئة الماء H2O ضمن أغشية ثيلاكويد thylakoid في البلاستيدات الخضراء داخل الخلية الورقية (التي تحدث عليها التفاعلات الضوئية لعملية التمثيل الضوئي). ومن ثم وإنتاج مركبات NADPH+، كما ينتج عن تلك العملية تدرج في الكمون الكهروكيميائي الناتج عن ارتفاع شوارد الهيدروجين داخل ثيلاكويد والمسؤول عن تخليق ATP (بواسطة إنزيم يخلق جزيء تخزين الطاقة أدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP_synthase) حيث يدخل هذين المركبين (ATP وNADPH+) في دورة كالفين لتوليد الروبيسكو RuBP، الذي يتفاعل مع CO2 الممتص في تفاعل يحفزه Rubisco. وبسبب انخفاض الانتشار لثاني أكسيد الكربون في ظروف الإجهاد، ينخفض امتصاص CO2 وبالتالي انخفاض تركيزه داخل الورقة مقارنة بما هو موجود في الغلاف الجوي (شكل 2).
شكل 2: العمليات الكيميائية الناتجة عن التركيب الضوئي داخل الثيلاكويد.