^ مقدمة ^ :
&المؤشرات العضوية هي عبارة عن مركبات عضوية في الرسوبيات، أو الصخور، أو النفط الخام يمكن تتبع بنيتها، أو هيكلها الكربوني إلى الخلف من الناحية الزمنية للوصول إلى الكائن الحي الذي أتت منه ؛ وهي عبارة عن مستحاثات دقيقة تقل أقطارها عادة عن 30 نانو متر، وذات تنوع كبير في بنياتها المجسمة( Stereochemistry )، التي تعبر عن الانتظام الخاص للذرات في بنياتها، وبسبب هذا التنوع الكبير فإن المؤشرات العضوية تربط منشئيا، بمجموعات محددة من النباتات أو الحيوانات، أو البكتريا.
من الجدير ذكره أنه لا تناسب جميع المركبات الموجودة أصلا في الكائن الحي إلى المؤشرات العضوية ، ولكي يمكن للمركب أن يصبح في عداد المؤشرات الحيوية فإنه لا بد أن يحقق الشرطين التاليين:
1- أن يتواجد في الكائن الحي بتركيز مرتفع إلى حل كافي حتى يمكن اكتشافه بعد كل التغيرات التي تطرأ على المادة العضوية وصولا إلى البترول.
2- أن تكون بنية المؤشر الحيوي ثابتة إلى حل كافي لكي تتمكن من النجاة من التغيرات التي تطرأ على المادة الحية وصولا إلى البترول. على الرغم من أن كثيرا من المؤشرات العضوية لا يمكنها النجاة من الطريق الطويل لعمليات التحول حتى تشكل البترول، وما بعد تشكله، فإن معظمها يمكن استخدامه في تتبع التاريخ الجيولوجي للبترول اعتبارا من المادة الحية، مع العلم بأن المركبات الأكثر تعقيدا، كالستیرانات و الهوبانات ذات الأربع والخمس حلقات، تقدم أكثر المعلومات عن التاريخ الجيولوجي، وبالتالي فإنها تستخدم في تقييم نضج النفط الخام، وفي دراسات المضاهاة؛ ومن المؤشرات الهامة أيضا البارافينات النظامية، والإيزوبرونیٹیدات، کالبريستان والفيتان، والكاروتينوئيدات ( Carotanoids )، البورفيرينات.
تم اكتشاف بضعة مئات من المؤشرات الحيوية في النفوط، والصخور، والرسوبيات، تمتد جميعها تقريبا من حيث منشؤها على طول طريقين من التركيب الحيوي( Biosynthetic )، وجدا منذ زمن البروتيروزوي، يتضمن الطريق الأول تكاثفا لبنيات حمض الخل ثنائي الكربون (CH3CO2H)، تتحكم به الأنزيمات( Enzyme - controlled )، ليشكل سلاسل کربونية طويلة من مضاعفات العدد 2، على سبيل المثال C14, C16 , C18 ، بينما يتضمن طريق التركيب الحيوي الشابي بلمرة الأيزو بيرين، ذو حجر البناء الأساسي في بنيته C5، والذي يخضع لتكاثف متكرر بواسطة مركب يسمى أيزو بنتينيلبيروفوسفات(Isopentenyl pyrophosphate) ليشكل ایزو برونئیدات كثيرة التفرعات والحلقات من مضاعفات العدد 5 لذرات الكربون، على سبيل المثال C10, C15 , C20 ..إلخ. تدعى المركبات التي تتكون من وحدات الكربون الخماسية هذه ، إيزوبرونئیدات، تربينوئيدات أو إيزوبنتينوئيدات (Terpenoids , isoprenoids , or isopentenoids)، مع العلم بأنه يوجد في الطبيعة تربينوئيدات متعددة تحتوي على عدد هائل من وحدات الإيزوبيرين، يمكن أن تصل حتى 1000 وحدة كما في الكاوتشوك وأشجار المطاط.&
**الدورية الفردية والزوجية في المركبات الهيدروكربونية السلاسلية المستقيمة** :
&من الأمور المثيرة للاهتمام في عمليات التركيب الحيوي للمواد الهيدروكربونية هي قدرة الكائن الحي على تنظيم طول السلسلة الكربونية، والكمية المطلوبة من المواد الهيدروكربونية غير المشبعة، وذلك وفقا لحاجة جسمه، وللبيئة التي يعيش فيها، فالكائنات الحيوانية البحرية تحتاج إلى المواد الدسمة السائلة ( الليبيدات )، من أجل تخزين الغذاء، وعزل أجسامها، والطفو في الماء، لذلك فإن عمليات التركيب الحيوي فيها تركز بشكل رئيس على تركيب البارافينات السائلة والأوليفينات حتى C31، بينما تحتاج النباتات البرية إلى الشموع الصلبة، وذلك لتمنع المياه من مغادرة أجسادها، ولتقلل من الأذى الميكانيكي الذي يمكن أن تتعرض له، وكذلك من الأذى الذي يمكن أن يلحق بجما من مهاجمة الحشرات والفطريات، لذلك فإنها تركب بشكل رئيس المواد الهيدروكربونية الشمعية حتى C37، مع العلم بأن الشموع تحتوي أيضا على أسترات ( نواتج تفاعل الأحماض الكربوكسيلية مع الكحوليات أو الفينولات )، وأن وجود الشموع في النفط الخام يعود بشكل كلي تقريبا إلى النباتات البرية .&
**السلاسل البارافينية النظامية ذات الأعداد المفردة**:
&بينت الدراسات أن السلاسل البارافينية التي تركبها النباتات تتكون بمعظمها من سلاسل فردية ( ذات عدد ذري كربوني مفرد )، بالإضافة إلى مركبات كحولية و حمضية زوجية العدد الكربوني، وعلى الرغم من وجود البارافينات الزوجية، وكذلك الحموض والكحول الفردية، فإن هذه المركبات لا تمثل إلا مقدار ضئيلا جدا، وقد تبين أن النسبة العظمى من البارافينات في ليبيدات نباتات اليابسة تتكون بالتحديد من الأعداد الكربونية الفردية الواقعة بين C21 و C37، وخاصة بين C27 و C31، و يزداد العدد الكربوني كلما كانت النباتات بحاجة إلى حماية أكبر من ضياع الماء، وذلك كما في نبات الصبار الذي يسيطر فيه العدد الكربوني C35. وبالمقارنة مع النباتات البرية فإن الإشنیات البحرية تركب بارافينات مستقيمة ذات أعداد كربونية فردية أقل، حيث يسيطر فيها على وجه التحديد الأعداد الكربونية الفردية بين C15 وC21. وقد تبين أن الأعداد الكربونية الفردية المسيطرة في السلاسل البارافينية المستقيمة في الأعشاب البحرية، وفي الشواطئ ذات المياه المالحة، تقع بين البارافينات المسيطرة في الإشنيات البحرية، وفي نباتات اليابسة حيث تسيطر بشكل رئيس الأعداد الفردية بين C21 و C25. وبالمقارنة مع ما سبق فإن الأعداد الكربونية الفردية في البارافينات المستقيمة لا تسيطر في ليبيدات البكتريا، باستثناء أنواع قليلة من البكتريا ، يسيطر فيها العدد الكربوني C17.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن كميات الإيزوبرونئيدات ضئيلة جدا إن كان ذلك في نباتات اليابسة أم في النباتات البحرية، وذلك على العكس من الليبيدات في بعض أنواع البكتريا، وفي البلانكتونات الحيوانية ( Zooplankton )، التي تحتوي على نسب مرتفعة من البربستان، و السكوالين( Squalene )، و الإيزوبرونیئلات الأخرى.
تقوم البكتريا بتعديل المادة العضوية في الرسوبيات، ولكنها لا تؤثر بشكل هام على سيطرة الأعداد الكربونية الفردية في السلاسل البارافينية الآتية من اليابسة.
بين الشكل مقارنة بين السلاسل الكربونية المسيطرة في كل من شموع نباتات اليابسة والحشرات من جهة، وفي الرسوبيات الحديثة من جهة أخرى، حيث نلاحظ أن هناك تشابكم في سيطرة الأعداد الفردية في كل منهما، وبشكل خاص بين C27 و C31، ولا نلاحظ في هذا الشكل أثر الأعداد الزوجية وذلك بسبب نسبها الضئيلة جدا التي لم يستطع الكروماتوغراف إظهارها. أما في الإشيات الحمراء فإن الأعداد الكربونية الفردية المسيطرة في البارافينات المستقيمة تقع بشكل رئيس بين C5 و C19، وذلك كما هو واضح في الشكل (3-26 )، الذي يبين السلاسل البارافينية المستقيمة المسيطرة في ثلاثة أنواع من الإشنيات الحمراء، بينما لا توجد فروقات واضحة بين نسب الأعداد الزوجية والفردية بين C27 و C31 يلخص الشكل الفرق بين الأنواع البارافينية المستقيمة المضافة إلى الرسوبيات من النباتات القارية ومن الأحياء البحرية .
تأتي السلاسل البارافينية الفردية بين C27 و C31 في الشموع البارافينية الموجودة في البترول بشكل رئيس من المادة العضوية المنقولة إلى الرسوبيات من اليابسة، بينما يعود أصل البترول الذي تسيطر فيه الأعداد البارافينية الفردية بين C15 و C19 بشكل رئيس إلى الكائنات المائية .&
النسب المئوية للسلاسل البارافينية المستقيمة ذات الأطوال المختلفة في الرسوبيات الحديثة
السلاسل البارافينية الطويلة المسيطرة على في ثلاث أنواع من الأشنيات
المساهمة الرئيسة للسلاسل البارافينية المستقيمة
&وجد كل من Bray و Evans( 1965 ) أن هناك انخفاض في معدل البارافينات الفردية إلى الزوجية بین C25 و C33، عند الانتقال من الرسوبيات الحديثة إلى القديمة، ثم إلى النفط الخام، واستنتجا أن هذا المعدل ينخفض مع تقدم نضج المادة العضوية في طريق التحول إلى البترول، وتوصلا إلى أنه يمكن استخدام هذا المعدل في الدراسات في تقدير مراحل النضج، وبالتالي ابتكرا ما يسمى دليل الأفضلية الكربونية( Carbon preference index) CPL بين C25 و C33، حيث تعد المادة العضوية ناضجة عندما تتمكن من توليد كميات كافية من المواد الهيدروكربونية لإنقاص قیم CPI حتى القيم الموجودة في النفط الخام والتي تتراوح بين 0.9-1.3 .
وتحسب قيم CPI من خلال العلاقة التالية :
CPI= (%C25-C33 odd+ %C23-C31 odd) /2(%C24-C32 even) &
**مشاكل في حساب **CPI:
&يمكن عنده حساب قيم CPI من خلال العلاقة السابقة مصادفة بعض المشاكل ؛ تتمثل إحداها في اختلاف مصادر المواد العضوية الموردة إلى الرسوبيات، فالعدد الكربوني المسيطر في معظم الكائنات المائية يقع ضمن محال الأوزان الجزيئية المنخفضة، وليس بين C25 و C33، وبالتالي فإن قيم CPIفيها قريبة من 1، أي أن قيم CPI في الرسوبيات التي تحتوي فقط على مادة عضوية بحرية ستكون قريبة من 1 على السطح وفي كل الأعماق، وذلك على العكس من قيمها في نباتات اليابسة التي يمكن أن تصل إلى 20، وستكون هذه القيم في أية عينات فيها مساهمة من اليابسة أكبر من القيمة 1 بمقادير هامة ، وبالتالي يمكنان يؤثر منشأ المادة العضوية ( مائي، يابسة، مختلط ) على قيم CPIي النفط الخام الناتج منها، وهذا ما يمكن أن نلاحظه واضح من الشكل ، حيث نلاحظ أن هناك ارتفاع واضحا في هذه القيم في نفط حوض Vinta الشمعي( waxy oil )، والذي تشارك المنقولات من اليابسة( الأبواغ وغبار الطلع.. ) بنسبة هامة في تشكله، بينما لا تلاحظ أية سيطرة للسلاسل البارافينية الفردية في المجالات الجزيئية المرتفعة ( >C25 ) في نفط Kawkawlinذو المنشأ البحري، والذي تلاحظ فيه سيطرة السلاسل البارافينية الفردية في المجال C19 C13والتي تؤكد أصله البحري.&
الشكل الأفضلية الفردية للعدد الكربوني ضمن السلاسل البارافينية المستقيمة القصيرة في نفط Kawkawlin ذو الأصل البحري في ميتشيغان، والسلاسل الطويلة في نفط حوض Vinta في Utah ذات الأصل غير البحري