المدينة (نشوؤها – تطورها) – مُدن العالم القديم -الجزء الأول

^المدينة ليست ظاهرة جديدة، والتخطيط ليس حديثاً، فالمدينة والتخطيط تطوّرا عبر التاريخ حيث ظَهر من خلاله بوضوح التحوّل الكبير ما بين الانتقال من حياة الكهوف إلى الحياة في المجتمعات الحضرية. فالمدينة تنعكس من خلال تكوينها والتخطيط ينعكس كذلك من خلال ترابطه العلاقات الاجتماعية للسكان في كل المراحل التي مرَّ بها المجتمع عبر العصور . وخلافاً عن مفهوم القرية والتي يعمل مُعظم سكانها بالزراعة فإن المدينة تعتمد على اختلاف المهن لسكانها وهنا تتوضح الأسباب المختلفة لنشوء المدن (الموقع، التجارة، الصناعة، السياحة، الثقافة الدينية...) هذه الأسباب تختلف أهميتها من مدينة إلى أخرى حيث يبرُز أحدى الأسباب كسبب رئيسي في نشوء مدينة ما بينما لا يكون له أي تأثير في نشوء مدينة أخرى وبالتالي يُعتبر هذا السبب هو العامل الأساسي في نشوء المدينة أو تلك .^

&وفقاً لما تضمّنته الكتب والمراجع التاريخية إضافة إلى أخبار الرحالة من وصف ورسومات وكذلك الحفر والتنقيبات الخاصة بالمدن القديمة وما ينتج عن ذلك من اكتشافات وقراءات جديدة مكنتنا من تقسيم المدن إلى ثلاث مجموعات :&

&1- مُدن العالم القديم (Cities of the Ancient World)

2- مُدن القرون الوسطى (Cities of the Medial Tradition)

3- مُدن عصر النهضة (Cities of the Renaissance)&

*1_ مدن العالم القديم .*

&وتضُم هذه المدن المجموعة التالية : مدن بلاد ما بين النهرين ومدن وادي النيل، المدن اليونانية، المدن الرومانية، ومدن شرق وجنوب آسيا . ونظراً لاختلاف مزايا وسمات المدن ما بين الأصناف المذكورة أعلاه فلا بد من محاولة شرحها ولو بإيجاز .&

**1_1_ مدن بلاد ما بين النهرين .**

&منذ حوالي 6000عام ق.م بدأت الحضارة الحقيقية لهذه المنطقة التي تقع على ضفاف نهري دجلة والفرات، وأهم ما يميز هذه الفترة تطور الممالك (المدن) من قبل السومريين الذين بنوا مدنهم بالمواد المحلية والمؤلفة من أماكن للإقامة والسكن وأسواق للبيع والشراء، سواء أكان ذلك للمنتجات الزراعية أو لبعض المنتجات الصناعية اليدوية الخفيفة. مع ذلك قد أتت مراكز المُدن مؤلّفة من مجموعة من المباني الهامة، يحيط بها التجمعات السكنية التي يغلّفها بالكامل سور من الآجر مزود بأبراج ومزين الجزء السفلي منه بلوحات جدارية متميّزة مشبعة بالرسومات الغائرة والنافرة .&

&أمّا قلعة المدينة فكانت تحوي أحد أهم المباني وهي الزيقورات وتتوضّع حول القلعة المباني السكنية الخاصة بالأغنياء ومن ثمّ مساكن العمّال .&