مقدمة:
يمثل الماء الوسط الذي تعيش فيه الأسماك والذي يجب أن يكون متمتع بخصائص وصفات مناسبة لها لكي تتمكن من المعيشة فيه بصورة طبيعية. ونستعرض فيما يلي أهم هذه الخصائص ومعايير تقييمها وعلاقتها بزراعة الأسماك.
الضوءlight :
يعتبر الضوء أهم العوامل الدورية التي تتعرض لها الأسماك. وتختلف شدة الضوء الساقط على الماء تبعا لعوامل كثيرة منها فصل السنة، وزاوية سقوطه على سطح الماء، وكثافة السحب، وعمق الماء، والمواد الذائبة فيه، والهائمات العالقة به.
وكما هو الحال في كثير من الأنواع الحيوانية فإن التغيرات الدورية في طول الفترة الضوئية لها تأثيرات فسيولوجية هامة على كثير من أنواع الأسماك، ويتضح ذلك بصورة خاصة في الأسماك التي تعيش في المناطق الشمالية من العالم بالمقارنة بتلك التي تعيش في المناطق الاستوائية. حيث تتأقلم أنواع الأسماك المختلفة عادة مع المدى الموجي للطيف الضوئي الشائع في بيئاتها الطبيعية، ولذلك فمن المتوقع أن يكون لكل نوع منها استجابة مثلى لمدى طيفي معين. وغالبا ما ان تكون الأسماك البحرية أكثر حساسية للمدى الطيفي الذي يتراوح من 500 إلى 550nm، بينما تستجيب أسماك المياه العذبة بصورة أفضل للمدى الطيفي الذي يتراوح من 540 إلى 620.nm .
لوحظ في عدد من أنواع الأسماك المرباة في ظروف زراعية والمغذاة تغذية وافرة (غير مقيدة) وبصفة يومية أن معدلات نموها تتسارع في بداية فصل الربيع بالرغم من أن درجة حرارة الماء لا تزال منخفضة، بينما تنخفض هذه المعدلات في بداية فصل الخريف بالرغم من استمرار درجات الحرارة المرتفعة.
ولتزامن ارتفاع معدلات النمو في فصل الربيع مع طول الفترة الضوئية فإنها فُسرت على أساس تأثير هذه الفترات على تنبه جهاز الغدد الصماء، بينما فسرت عمليات بطء سرعة النمو في بداية فصل الخريف بتأثير تناقص طول الفترة الضوئية مع بدء انخفاض درجات الحرارة.
وتسبب مستويات الإشعاع الضوئي العالية لوحدات تربية الأسماك ضرر شديدة لحاسة البصر في الأسماك والإثارة العصبية الشديدة لها، كما قد تؤدي إلى شحوب ألوانها، وفقد شهيتها للطعام، وظهور الأعراض العامة للإجهاد. وتتحسن هذه الأعراض عادة إذا ما تم خفض مستوى الإضاءة أو توفير مأوى خاص Shelter لتلجأ إليه الأسماك.
ويستحسن عدم تغيير مستوى الإضاءة بصورة فجائية في أحواض تربية الأسماك الحساسة لتجنب الفزع الذي قد يعتريها والذي قد يؤدي إلى اصطدامها بجوانب أحواض التربية.
لا تتحمل الأسماك التعرض المباشر لأشعة الشمس، فجلدها يختلف في تركيبه عن جلد الفقاريات الأخرى في أن الطبقة الصبغية الواقية للجلد توجد في أعلى طبقة القشرة Dermis وليس في طبقة البشرة Epidermis كباقي الفقاريات، مما يعني أن الطبقة السطحية لجلد الأسماك ليس لها حماية ضد الأشعة فوق البنفسجية. في البيئات الطبيعية لا يمثل هذا الأمر مشكلة للأسماك حيث يمكنها دائما أن تتفادى الأشعة الضارة باللجوء إلى المناطق الظليلة أو المياه العميقة. غير أن الأسماك قد تتعرض إلى حروق جلدية إذا تعرضت لأشعة ضوئية قوية داخل وحدات التربية الضحلة.
العكارة Turbidity:
تعني العكارة تناقص شدة الضوء الساقط على الوسط المائي أثناء مروره خلال طبقات الماء النتيجة لبعثرته بسبب وجود مواد عالقة به. وقدرة الضوء على النفاذ في الماء هي قدرة محدودة إلى درجة كبيرة. يختفي حوالي 35% من الضوء الساقط على الماء النقي ويتحول إلى طاقة حرارية عند مروره لمسافة متر واحد فقط. وتتوقف قدرة الضوء على النفاذ خلال المياه عكسيا مع ما تحتويه من مواد عالقة.
وترجع العكارة والالوان التي توجد في مياه أحواض تربية الأسماك إلى واحد أو أكثر من ثلاثة عوامل رئيسة:
1) الهائمات النباتية Phytoplankton،
2) حبيبات الطين المعلقة Suspended clay particles،
3) المواد العضوية الذائبة المعروفة، بال "الهيومك.substances Tumhic
تُقدر العكارة في أحواض تربية الأسماك